شبكة أطباء السودان تدين قصف الأحياء السكنية في الأبيّض والفاشر وتدعو إلى حماية عاجلة للمدنيين

في أعقاب سقوط خمسة قتلى وعشرات الجرحى جرّاء قصف مدفعي وطائرات مسيّرة استهدف مدينتَي الأبيّض والفاشر، أعلنت شبكة أطباء السودان اليوم عن استنكارها الشديد لتكرار استهداف المناطق المدنية، مطالِبة جميع الأطراف بالالتزام الفوري بالقانون الدولي الإنساني وتأمين ممرّات آمنة لنقل المصابين.
على خلفية التصعيد الأخير في ولايتَي شمال كردفان وشمال دارفور، وثّقت الفرق الطبية الميدانية التابعة لشبكة أطباء السودان مقتل أربعة مدنيين وإصابة ثمانية آخرين في الأحياء الشمالية لمدينة الأبيّض، إضافة إلى مقتل فتاة في الفاشر بعد محاولة استهدافها بأربع طائرات مسيّرة تمكّن الجيش السوداني من إسقاطها. وقد ألحق القصف دماراً واسعاً بعدد من المباني السكنية، في انتهاك واضح لاتفاقيات جنيف والقوانين الدولية التي تحظر استهداف المدنيين.
وتشير التقارير إلى أن هذه الحوادث تأتي بعد أيام قليلة من هجوم بطائرة مسيّرة على سجن مدينة الأبيّض أسفر عن مقتل 21 شخصاً وإصابة 47، ما يعكس اتجاهاً مقلقاً نحو استخدام الأسلحة العشوائية في مناطق مأهولة. وفيما تتقلّص السيطرة الميدانية لقوات الدعم السريع على الأرض، تزداد المخاطر الإنسانية مع تمدّد العمليات القتالية إلى مراكز مدنية حسّاسة، بما في ذلك العاصمة الخرطوم ومحيط القصر الرئاسي والمطار.
وتؤكد شبكة أطباء السودان أنّ المنظومة الصحية في ولاية شمال كردفان وولاية شمال دارفور تعمل فوق طاقتها الاستيعابية، وتفتقر إلى الإمدادات الطبية الحيوية، ما يهدّد أرواح الجرحى والمصابين. وتدعو الشبكة إلى:
- وقف فوري وغير مشروط للهجمات على المناطق السكنية والمؤسسات الصحية والإغاثية.
- فتح ممرّات إنسانية آمنة لضمان إخلاء الجرحى وتوريد الأدوية والمستلزمات.
- إجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات الأخيرة ومحاسبة المسؤولين عنها.
- دعم المجتمع الدولي للكوادر الطبية العاملة في الخطوط الأمامية وتوفير الحماية اللازمة لها.
صرّحت الشبكة بأنها تتابع عن كثب التطورات الميدانية وتنسّق مع منظمات الإغاثة الدولية لتأمين الإمدادات الطبية العاجلة، مؤكدةً أنّ استمرار استهداف المدنيين يهدّد بانهيار كامل للقطاع الصحي في المناطق المتأثرة.
«إنّ حماية المدنيين ليست خياراً سياسياً، بل التزام قانوني وأخلاقي يجب أن يلتزم به الجميع بلا استثناء. إن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات المتكرّرة يشجّع على المزيد من الجرائم ويقوّض فرص السلام»، بحسب بيان الشبكة.
وفي ضوء هذه المستجدات، تناشد شبكة أطباء السودان جميع وسائل الإعلام المحلية والدولية بتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المتفاقمة، كما تدعو الجهات المانحة إلى مضاعفة الدعم لضمان استمرار الخدمات الصحية والإنقاذية في المناطق المتضررة.
«نحن نعمل في ظروف شديدة الخطورة، ومع ذلك يواصل أطباؤنا ومتطوّعونا تقديم الرعاية لمن يستطيعون الوصول إليه»، قال الدكتور علاء الدين محمد، المتحدث باسم شبكة أطباء السودان. «لكن دون التزام حقيقي من الأطراف المسلحة باحترام حياة المدنيين، لن يكون بوسعنا إنقاذ المزيد من الأرواح».
من جانبه أضاف الدكتور طارق عبد الرحيم، جرّاح في مستشفى الأبيض التعليمي: «وصلنا إلى مرحلة نفاد الأدوية الأساسية وأكياس الدم. نحن بحاجة ماسة إلى ممرّات آمنة لإدخال الإمدادات قبل أن يتضاعف عدد الضحايا».
وفي الولايات الـ17 الأخرى في السودان، لم تعد “الدعم السريع” تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور.
من جانبها، أفادت “الفرقة السادسة مشاة” التابعة للجيش السوداني في بيان، بأن قوات الدعم السريع “واصلت استهداف المدنيين العزل وقصفت بالمدفعية الثقيلة أحياء الفاشر، أمس الثلاثاء، وأدى ذلك إلى استشهاد فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا، وإصابة أربعة آخرين تم نقلهم لتلقي العلاج”.
وذكرت أن “قوات الجيش، نجحت في إسقاط وتدمير 4 طائرات مسيرة، دون أن تصيب أهدافها”.
وحتى الساعة 14:00 (ت.غ)، لم يصدر عن قوات الدعم السريع تعليق على بياني الجيش والشبكة الطبية.
ومنذ 10 مايو/ أيار 2024، تشهد “الفاشر” اشتباكات بين الجيش و”الدعم السريع” رغم تحذيرات دولية من خطورة المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
ويخوض الجيش و”الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.