العالم العربي

مؤسسات فلسطينية ودولية تحذّر من الخطة الأمريكية لإدارة المساعدات في غزة

أعلنت هيئات فلسطينية ودولية رفضها القاطع للخطة الأمريكية المقترحة لإدارة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، باعتبارها تحمل أبعادًا سياسية وأمنية تُهمّش الوكالات الدولية وتُقوّض دورها التاريخي في خدمة اللاجئين.

خلال ندوة إلكترونية نظمتها شبكة الجاليات الفلسطينية في الولايات المتحدة بالتعاون مع الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني «حشد» ومركز الدراسات السياسية والتنموية، التأم نخبة من الخبراء الحقوقيين والإغاثيين لمناقشة تداعيات المقترح الأمريكي الذي ترى فيه المنظمات المشاركة مساسًا خطيرًا بالحياد الإنساني واستهدافًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

الهيئات المشاركة شددت على أن الخطة المقترحة تتجاوز الأطر القانونية الناظمة للعمل الإنساني، وتُدخل الأجندات الأمنية في صميم توزيع المعونات، ما يهدد بتسييس الغذاء والدواء ويضع ملايين المدنيين في مواجهة مباشرة مع الضغوط السياسية. وأكد المتحدثون أن أي إعادة هيكلة لآليات المساعدة يجب أن تمرّ عبر القنوات الأممية الشرعية، وأن تُصاغ بالتشاور الكامل مع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية والدولية.

كما حذّر المشاركون من تبعات تعطيل عمل «أونروا»، موضحين أن الوكالة تُقدّم خدمات أساسية لأكثر من مليوني لاجئ في غزة، وأن استبدالها بآليات بديلة سيخلق فراغًا خطيرًا ويعرّض المدنيين لمزيد من المخاطر الإنسانية. ودعت المنظمات إلى حشد ضغط دولي لإجبار الإدارة الأمريكية على التراجع عن طرحها واحترام الإطار الأممي القائم.

قال سامي القواسمي، منسق شبكة الجاليات الفلسطينية في الولايات المتحدة: «لن نسمح بفرض رؤى أحادية الجانب تمسّ جوهر العمل الإغاثي في غزة. نحن بحاجة إلى دعم إنساني مستقل، لا إلى صفقات سياسية مقنّعة».

من جهتها، أكدت المحامية رنا صباح، مديرة البرامج في هيئة «حشد»: «إقصاء أونروا يعني إقصاء القانون الدولي نفسه. أي محاولة لنزع الشرعية عن الوكالة هي هجوم مباشر على حقوق اللاجئين غير القابلة للتصرف».

بدوره أوضح د. خالد الشريف، الباحث في مركز الدراسات السياسية والتنموية: «الزجّ بالاعتبارات الأمنية في توزيع المساعدات يقوّض مبدأ الحياد ويحوّل المانحين إلى أطراف صراع، ما يفتح الباب أمام مزيد من الانتهاكات».

وتتضمن الخطة الأمريكية، التي لاقت انتقادات واسعة، عدة بنود مثيرة للجدل، أبرزها: إنشاء كيان جديد تحت مسمى “مؤسسة غزة” لتوزيع المساعدات بشروط أمنية وجغرافية صارمة، واستبدال دور المؤسسات الأممية بشركات أمريكية ومنظمات دولية تعمل بالتنسيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي سيتولى الحماية والإشراف على العمليات الميدانية، كما تشترط الخطة إخضاع كل مستفيد لفحص أمني قبل تسليمه المساعدات.

وقال المستشار الإعلامي لوكالة “أونروا”، عدنان أبو حسنة، إن “الخطة تمثل محاولة صريحة لتفكيك (أونروا) واستبدالها بهياكل محلية مدعومة (إسرائيليًا)”، مؤكدًا أن “الوكالة الأممية ترفض هذه التوجهات التي تتعارض مع مبادئ العمل الإنساني المحايد”.

من جانبه، اعتبر رئيس “شبكة المنظمات الأهلية” أمجد الشوا، أن الخطة تُعبر عن “عسكرة المساعدات وتحويلها لأداة ضغط سياسي”، مشيرًا إلى أن “اعتمادها على جهات أمنية وشركات أجنبية يتنافى مع القوانين الدولية والمعايير الإنسانية”.

في السياق ذاته، قال مدير “مركز الدراسات السياسية والتنموية” محمد مشارقة، إن “المساعدات يجب أن تُدار بشفافية واستقلالية، لا عبر أجندات سياسية وأمنية”، محذرًا من أن “هذه الخطة تسعى لتكريس واقع الانقسام الجغرافي والسياسي في القطاع”.

وأكدت ممثلة شبكة الجاليات الفلسطينية في أمريكا فداء الأطرش، أن الخطة الأمريكية “تمثل امتدادًا لمشروع تصفوي يهدف للسيطرة على الشأن الإنساني وفرض إرادة سياسية على الشعب الفلسطيني تحت غطاء الإغاثة”.

وطالب المشاركون بفتح كافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة بشكل فوري ودون شروط، ورفع الحصار المفروض، مؤكدين ضرورة التمسك بدور “أونروا” والمنظمات الإنسانية المحايدة في تقديم المساعدات، ورفض أي محاولات لفرض شروط أمنية أو سياسية على حق الفلسطينيين في الإغاثة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى