
بعد أن أوشكت الزيارة “الأسطورية” لـ ترامب إلى المنطقة على الانتهاء، لا تزال الإبادة الجماعية والمحرقة في غزة مستعرتين، في ظل عجز عالمي مخزٍ عن وقفها أو حتى إدخال شاحنة طحين أو دواء لسكان يعيشون مجاعة حقيقية.
ورغم ما تناولته بعض التقارير الصحفية عن وجود خلافات بين ترامب ونتنياهو، إلا أن الواقع يؤكد دعمه المطلق لحرب الإبادة، إذ سبق أن هدد غزة بالجحيم وبالتهجير القسري، ولم يتمكن حتى من حماية الاتفاق الذي رعته إدارته في يناير الماضي.
لقد باتت أمريكا خاضعة بالكامل لمشيئة اليمين الصهيوني المشيحاني المتطرف، بكل ما يحمله من أفكار كاهانية مهووسة. وعلى الرغم من الاستقبالات الإمبراطورية غير المسبوقة التي نُظّمت لترامب،
والتي لا يمكن أن يحظى بمثلها في أي مكان آخر في العالم، فقد عجز عن إدخال شاحنة طحين واحدة إلى غزة الجائعة. في المقابل، نجح في انتزاع عقود حكومية وخاصة تُقدّر بأربعة ترليونات دولار في أربعة أيام فقط، فضلاً عن الهدايا الخاصة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات الأمريكية – وكلها ستتحول إلى مادة دعائية يتفاخر بها في خطاباته،
وهو يروي لمريديه كيف “غزا” هذه البلاد وجلب منها الثروات، مدّعيًا أن ذلك “حقٌ” لأمريكا، بل ومذكّرًا علنًا بأن هذه الدول ما كانت لتصمد لولا الحماية الأمريكية – في إهانة متعمدة ومقصودة.
لقد أثبت ترامب أنه مجرد نمر من ورق أمام نتنياهو، غير قادر على فرض أي حل لوقف المجزرة في #غزة، رغم أن بلاده هي من تسلّح وتحمي هذا الكيان عسكريًا وديبلوماسيًا وتمنحه الحصانة، بينما العالم بات يضيق ذرعًا بجرائمهم واستهتارهم بكل القيم التي تأسس عليها النظام الدولي في العقود السبعة الأخيرة.
نحن نشهد حرب إبادة جماعية راح ضحيتها أكثر من 18 ألف طفل وآلاف النساء، وجرى خلالها تدمير ممنهج لكل شيء، واستخدام الحصار والتجويع كسلاح، في جرائم لم يرتكب مثلها حتى النازية. فأي هوانٍ وعجزٍ هذا الذي سيُسجله التاريخ عن هذه الزيارة، وعن حكّامٍ تهافتوا على تقديم العطايا والتوقيع على العقود، بينما لم يجرؤ أحدهم على وقف المذبحة؟
ويبقى السؤال: كيف ينظر العالم إلينا ونحن ننفق الترليونات على صفقات واستثمارات هدفها نيل رضا “العم سام”، بينما لو أُنفقت هذه الأموال بعقلانية وكرامة، لتغير وجه العالم العربي بأسره؟