
يُعد برنامج “تصريح مواطن” من أشجع البرامج على شاشات التلفزيون المصري، سواء داخل مصر أو خارجها. تحية كبيرة لفريق العمل بالكامل، وللإعلامية الأستاذة فيروز حليم، التي تقود هذا البرنامج الذي أصبح بمثابة نافذة حقيقية تُتيح للشعب المصري أن يتحدث ويشرح معاناته بكل بساطة وثقة، دون خوف أو قمع.
في وقت حُكم فيه على المصريين بالصمت والقمع، وأصبح من يتكلم أو يعترض مهددًا بالفصل من عمله أو بالاختفاء أو بوضعه تحت التحقيق، جاء هذا البرنامج ليكسر حاجز الخوف، ويمنح الناس فرصة لعرض مشاكلهم مباشرة على المسؤولين.
تناول البرنامج وقفة احتجاجية لأصحاب شهادات الماجستير والدكتوراه، خاصة خريجي جامعة الأزهر، الذين يمثلون نخبة من المثقفين أصحاب الكفاءات العالية. هؤلاء الشباب ثروة علمية حقيقية، وكان من الأولى بالدولة أن تستعين بهم، بدلاً من تهميشهم وتركهم في بيوتهم بلا عمل بسبب فشل المنظومة الحكومية، التي لا تزال تعتمد على المحسوبية، أو على من يدفع أموالاً طائلة للحصول على وظيفة حكومية.
من هنا، أوجّه رسالتي إلى الوزارات والمؤسسات الحكومية، والشركات والمصانع المختلفة: افتحوا أبوابكم لهؤلاء، فقد نجحوا ووصلوا إلى أعلى المستويات العلمية. هم يستحقون التكريم، لا التهميش، في بلد تفشى فيه الفساد والفقر والبطالة والقمع، حتى وصل الحال إلى تفشي الإدمان وفقدان الأمل لدى شباب مصر.
ولا ننسى ما حدث منذ أسابيع، عندما أقدم شاب مصري على الانتحار بعد أن فشل في الحصول على فرصة لحياة كريمة، تؤهله لتكوين أسرة والمساهمة في بناء المجتمع. هؤلاء الشباب هم عماد نهضة الوطن، وهم من سيساهمون في رفع راية مصر في كل المجالات.
على الحكومة المصرية أن تعمل على توفير فرص عمل حقيقية لشبابها، ليس فقط داخل مصر، بل من خلال عقد اتفاقيات مع دول مجاورة وأجنبية، تضمن من خلالها عقود عمل محترمة تحفظ كرامة المواطن المصري في الخارج. ما حدث مؤخرًا مع شاب مصري من قبل أحد الأطباء السعوديين، والذي تحدث إليه بأسلوب غير لائق، هو أمر غير مقبول، ويجب على السفارة المصرية والخارجية أن تطالب بمحاسبة كل من يستغل منصبه لإهانة المصريين.
ويجب التذكير بأن تحويلات المصريين في الخارج تُعد المصدر الأكبر للعملة الأجنبية، حيث وصلت في الربع الأول من هذا العام إلى 31 مليار دولار، رغم ما تروّج له الحكومة حول قناة السويس وعائداتها، والتي لم تُفلح في توفير العملة الأجنبية المطلوبة!
من الضروري إنشاء مكاتب خاصة داخل كل سفارة مصرية في الدول التي يعمل بها شبابنا، لحمايتهم ومتابعة أوضاعهم، كما تفعل معظم دول العالم المتقدمة. كما يجب أن تفتح الدولة مجالات التصدير أمام اختراعات وأبحاث هؤلاء الشباب، فهم قادرون على فتح أسواق عالمية جديدة، وإنعاش الاقتصاد، وسد ديون الدولة، ورفع قيمة الجنيه المصري من جديد.
أدعو وزارة الأوقاف للاستفادة من هؤلاء العلماء والخريجين في إعادة بناء المجتمع، خاصة في ظل التقدم العلمي المتسارع. هؤلاء هم مستقبل مصر الحقيقي، وهم الضمان الوحيد لدخول مصر إلى قائمة أقوى 20 اقتصادًا في العالم.