فضائح كلية الألسن بسوهاج تكشف تستر الجامعة على فساد إداري خطير

أكدت مصادر جامعية مطّلعة أن حالة من الغضب والاستياء تسود بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب داخل كلية الألسن بجامعة سوهاج بسبب استمرار التستّر الرسمي على وقائع فساد علمي وإداري أثارت جدلًا واسعًا داخل الوسط الأكاديمي
أوضحت الوثائق الرسمية أن الواقعة الأولى تتعلق باتهام مباشر للمدرسة المساعدة أمنية ناصر السيد محمود حجي بقسم اللغة الفارسية، بنقل محتوى رسالة الماجستير الخاصة بها حرفيًا من بحث منشور لوالدها الدكتور ناصر السيد محمود حجي، عميد الكلية السابق ورئيس القسم ذاته
أعلن عدد من أعضاء هيئة التدريس أن تقرير المكتبة الرقمية الخاص بالجامعة لم يعكس الحقيقة الكاملة بشأن التشابه بين الرسالة والبحث، رغم وجود تطابقات واضحة رُصدت من خلال الفحص اليدوي لمحتوى الرسالة



صرّح أحد الأكاديميين بضرورة فتح تحقيق رسمي محايد في واقعة السرقة العلمية وإعادة تقييم محتوى الرسالة بعيدًا عن تأثيرات العلاقات الشخصية والمناصب الإدارية داخل الجامعة
أشار عدد من المعنيين إلى أن هذه الواقعة لم تكن الحادثة الوحيدة المثيرة للجدل، بل تزامنت مع اتهامات رسمية بتعديل الخطة الخمسية للكلية بشكل غير قانوني، ما أدى إلى تفريغ درجات وظيفية لأغراض شخصية تخدم تعيين هبة ناصر السيد محمود حجي، ابنة العميد السابق، والتي لا تزال طالبة في القسم نفسه
كشف تقرير قانوني رسمي أن الخطة الخمسية الأولى للكلية، التي وضعت بتاريخ 12 أبريل 2021، تضمنت تعيين معيد من دفعة 2023، لكن التعديل الذي جرى بتاريخ لاحق أزال هذا الاحتياج من أجل تأجيل التعيين لعام 2026 وهو عام تخرج ابنة العميد الحالي من الكلية
لفت محامو الطاعنين إلى أن هذا التعديل تضمن تفريغ جميع الدرجات في قسم اللغة الفارسية فقط، دون غيره من الأقسام، ما يعزز الشبهة في أن التغيير لم يكن لأسباب علمية أو إدارية وإنما بهدف مصلحة شخصية صريحة
استدركت المصادر أن القرار رقم 248 الصادر في 4 مارس 2024، أتى ليدعم هذا الاتهام من خلال تعيين ثمانية معيدين وفق الخطة الأصلية في معظم الأقسام، فيما استُبعد قسم اللغة الفارسية دون مبرر قانوني أو تعليمي واضح
أفاد الطاعنون بأن إدارة الجامعة برّرت التعديل بسبب تعذر بدء الدراسة في الجامعة الأهلية، وهو ما اعتبروه ذريعة واهية لا ترتبط بالموقف الفعلي، خاصة أن الدراسة بالجامعة الأهلية لم تكن قد بدأت أصلًا ولم تصدر بشأنها قرارات تنفيذية حتى تاريخه
أوضح دفاع المدعية، وهي الأولى على دفعتها في قسم اللغة الفارسية دفعة 2023، أن القسم لم يُعيّن أي معيد منذ فترة طويلة، رغم ارتفاع عدد الطلاب مقارنة بأقسام أخرى تضم أربعة معيدين على الأقل، وهو ما يُعزز المطالبة القانونية بإلغاء التعديل المشبوه وإعادة تعيينها وفق الخطة الأصلية
نوهت المستندات المرفقة بالدعاوى القضائية إلى أن ابنة العميد الثاني التحقت بالكلية في أكتوبر 2022، وبعد شهر واحد فقط جرى تعديل الخطة الخمسية، ما أثار الريبة من توقيت التعديل الذي سبق تخرجها بثلاث سنوات
أكدت المذكرة القانونية أن المحكمة الإدارية العليا سبق أن قضت في حكمها رقم 47517 لسنة 66 ق في 22 مايو 2022 ببطلان تعديل الخطة الخمسية إذا تم لأسباب غير قانونية أو بغرض محاباة أشخاص معينين مما يخل بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص
أفاد محامو الطاعنين بأن المحكمة الإدارية العليا أكدت في أحكام سابقة أن تغيير الخطط الجامعية يجب أن يكون لأسباب مبررة وموضوعية وأن اتخاذ قرارات إدارية مفاجئة ومباغتة يزعزع مراكز الأفراد القانونية ويُعد إهدارًا لمبدأ الأمن القانوني
استرسل فريق الدفاع في توضيح أن القرار محل الطعن لم يُقلل عدد المعيدين في الكلية كما زعمت الجامعة بل زاد عددهم في أقسام أخرى مثل قسم اللغة الفرنسية، الذي عُيّن فيه معيدان رغم أن الخطة المعدلة كانت تقتضي معيدًا واحدًا فقط
أشار أحد الأكاديميين إلى أن الجامعة لم تُظهر أي شفافية في تعاملها مع شكاوى أعضاء هيئة التدريس أو البلاغات الرسمية المقدمة للمجلس الأعلى للجامعات والتي تتعلق بالوقائع المذكورة
أوضح مصدر مطّلع أن الدكتور مصطفى رفعت، أمين المجلس الأعلى للجامعات، قد وجّه خطابين رسميين إلى رئيس جامعة سوهاج بتاريخ 22 أبريل و12 مايو 2025 طالب فيهما بإجراء تحقيق عاجل في الواقعتين دون أن يتلقى أي ردود رسمية حتى الآن
زعم أساتذة في الجامعة أن هذا الصمت المريب لا يمكن تفسيره إلا في إطار الحماية الإدارية المقصودة لعناصر بعينها داخل الكلية تربطهم صلة قرابة أو مصلحة مباشرة مع المسؤولين عن إدارة الكلية والجامعة
أضافوا أن الدفاع عن الدوافع الإنسانية في قضايا تتعلق بسرقة علمية أو تعيين غير قانوني هو استخدام خاطئ لمبدأ الرحمة، لأن الفساد الأكاديمي لا يُغتفر تحت أي مبرر إنساني أو إداري
قال أحد مسؤولي الجامعة السابقين إن جامعة سوهاج مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإثبات التزامها بالشفافية والحوكمة ومبادئ النزاهة في التعيينات ومنظومة البحث العلمي
استنكر أكاديميون طريقة تعامل رئاسة الجامعة مع ملف كلية الألسن، مشيرين إلى أن التستر الحالي يُعد مخالفة صريحة لقيم وتقاليد المؤسسات التعليمية ويحمل مخاطر جمة على سمعة الجامعة محليًا ودوليًا
أفاد مصدر قانوني أن محكمة القضاء الإداري تنظر القضية رقم 830 لسنة 15 ق إدارية سوهاج، وفي جلسة 8 فبراير 2025 نطقت المحكمة بإلغاء القرار الإداري المطعون عليه وتكليف الطالبة الأولى على قسم اللغة الفارسية بوظيفة معيد وفق الخطة الخمسية الأصلية
أكد المصدر أن جميع المستندات والدفوع المقدمة من قبل المدعية تتماشى مع أحكام المحكمة الإدارية العليا وتستند إلى حق قانوني راسخ لا يمكن تجاوزه أو التغاضي عنه
اختتم أساتذة الكلية مطالبهم بضرورة مساءلة العميد السابق الدكتور ناصر السيد محمود حجي عن المخالفات المنسوبة له سواء فيما يخص التلاعب بالخطة الخمسية أو الاشتباه في تعيين ابنتيه بشكل يخالف قواعد الشفافية والنزاهة الأكاديمية
شددوا على أن ترك مثل هذه الوقائع دون تحقيق ومحاسبة سيكون له تبعات خطيرة على مستقبل الكلية والجامعة برمتها، في ظل تفاقم ظواهر التعيينات القائمة على العلاقات لا على الكفاءة العلمية أو التفوق الأكاديمي
أردف أحد المتابعين للملف أن ما يجري الآن في كلية الألسن ليس سوى نموذج واحد لما يمكن أن يؤدي إليه غياب الرقابة الحقيقية داخل مؤسسات التعليم العالي، مشيرًا إلى أن تصحيح المسار لا يكون بالتجاهل بل باتخاذ قرارات حاسمة تحترم القانون وتحمي حقوق المتفوقين علميًا