
في أول ظهور إعلامي له بعد عام من الغياب القسري خلف القضبان، أطل السياسي المصري أحمد الطنطاوي عبر شاشة “بي بي سي عربي” في برنامج “بتوقيت مصر”، كاشفًا للمرة الأولى كواليس اعتقاله وتفاصيل احتجازه في زنزانة انفرادية، قائلًا: “أنا أسير ولست سجينًا.. ما تعرضت له لم يكن مجرد حبس بل كان عزلًا كاملًا عن العالم.”
الطنطاوي أكد أن السلطات المصرية تعمدت عزله عن بقية السجناء وحتى عن زملائه في الزنازين المجاورة، موضحًا أن هذا العزل جعله أكثر التصاقًا بجوهر الشعب المصري.
وأضاف: “الناس اللي في السجن كانوا بيحبوني، ولما أتيحت لهم الفرصة بعد ستة شهور عبروا عن حبهم. هم مواطنون بأخطائهم وميزاتهم، وهذه التجربة عمقت فهمي لهم.”
وأشار إلى أن النظام الحاكم لا يزال يحتجز 146 من أنصاره ومؤيديه قيد الحبس الاحتياطي منذ سبتمبر 2023، دون محاكمات، مؤكدًا أن مسلسل الاستهداف بدأ مبكرًا منذ يونيو 2019 عندما تم اعتقال أصدقائه وأهله وجيرانه.
وأضاف الطنطاوي: “من بين المئات، لم يُعرض للمحاكمة إلا أنا وزميلي محمد أبو ديار، بينما يقبع الباقون في زنازين الانتظار بلا محاكمة.”
الطنطاوي كشف عن الاتهامات التي واجهها خلال فترة احتجازه، والتي بلغت 14 تهمة، بينها محاولة قلب نظام الحكم بالقوة المسلحة، وذلك على خلفية دعوة لمظاهرة 20 أكتوبر، التي قال إنه لم يشارك فيها ولم يدعُ إليها أصلًا. موضحاً: “لم أكن جزءًا من تلك المظاهرة، ولا أعلم حتى إن كانت مرخصة أم لا. إذا كانت نصرة الشعب الفلسطيني تهمة، فليُحاسب من دعا، لا أنا.”
وفي حديثه عن لحظة الإفراج، روى الطنطاوي كيف خرج فجأة من محبسه دون إخطار مسبق، ليتم ترحيله سرًا إلى مديرية أمن كفر الشيخ، حيث أُخفي خبر خروجه لمنع أنصاره من استقباله أو تنظيم أي مظاهر دعم علنية. وأضاف: “لو السلطة كانت واثقة أنه مافيش حد هيستقبلني، كانت صورت ونشرت المشهد. الخوف كان من أن يظهر أن السجن لا يُخيف وأن الشعب لا يزال يؤمن بالتغيير.”
وتطرق الطنطاوي إلى التهم التي وجهت إليه، وعلى رأسها تهمة “التزوير“، معتبرًا إياها محاولة مكشوفة لتشويه سمعته. وأكد: “التزوير جناية كبيرة، ومن لفّقوا لي التهمة في مأمن من أي عقاب. هذه التهم وُضعت لضربي سياسيًا، لكنها لم ولن تنجح.”
كما عبر الطنطاوي عن فخره بتجربته السياسية رغم ثمنها الباهظ، مستحضرًا تجربة سعد زغلول التاريخية بقوله: “أنا جمعت 117 ألف توكيل في ليلة واحدة على موقع إلكتروني، والشعب المصري شاهد على كيف واجهتني مؤسسات الدولة خلال انتخابات الرئاسة وقمعت الحراك الشعبي.”
وأكد الطنطاوي على أن غالبية الشعب المصري تقف إلى جانبه رغم محاولات تغييب الحقيقة، مضيفًا: “أنا أؤمن أن الناس تعلم من حبسني ولماذا، وأعلم أن الطريق لا يزال طويلًا، لكن الإيمان بالتغيير أقوى من القمع.”