ياسر أبو شباب: من سجين جنائي إلى ذراع ميداني للاحتلال الإسرائيلي في غزة

في واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية الحديثة، حيث تعصف الحرب الإسرائيلية بقطاع غزة، برز اسم “ياسر أبو شباب” كلاعب مشبوه يتنقل بين مشاهد الدمار، محملاً بسجل من الاتهامات الجنائية وتاريخ محفوف بالشبهات الأمنية، منها العمالة والتنسيق مع الاحتلال.
ظهر أبو شباب فجأة بعد أن اعتقلته أجهزة المقاومة في غزة لفترة طويلة قبل الحرب. لم يكن جزءًا من النسيج الوطني أو الإنساني للقطاع، بل عرف بأنه عنصر بلطجة مرتبط بعمليات التهريب والسرقة. لكن الحرب أسقطت الحواجز، وفتحت أمامه أدوارًا أخطر، ليصبح أداة إسرائيلية مباشرة في السيطرة على المساعدات الإنسانية، ووسيلة لتفكيك البنية المجتمعية الفلسطينية في الجنوب.
النشأة والبيئة الاجتماعية:
وُلد ياسر أبو شباب في 19 ديسمبر/كانون الأول 1993، في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لعائلة تنتمي إلى قبيلة الترابين، إحدى أبرز القبائل الممتدة من النقب إلى سيناء.
لكن على عكس رمزية القبيلة التي قدّمت شهداء في صفوف المقاومة، اتخذ ياسر مسارًا مختلفًا تمامًا. في سنوات شبابه، وُصف بأنه “شخص عدواني، سريع الانخراط في أعمال مشبوهة”، وقد عرف عنه العداء العلني لحركة حماس والمقاومة الفلسطينية، وهي العوامل التي جعلته في مرمى أجهزة الأمن الغزية، خصوصًا مع توالي الشكاوى من تورطه في قضايا تهريب، وحيازة سلاح دون ترخيص، واعتداءات متكررة على السكان.
الاعتقال قبل الحرب:
قبيل اندلاع حرب 7 أكتوبر 2023 (عملية طوفان الأقصى)، كان أبو شباب معتقلاً لدى الأجهزة الأمنية التابعة للمقاومة بتهم جنائية، منها تشكيل مجموعات إجرامية محلية والتورط في تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود مع مصر.
ورغم محاولاته المستمرة الاستقواء بالانتماء القبلي، إلا أن زعامات قبيلة الترابين تبرأت منه مرارًا، ورفضت تقديم أي غطاء اجتماعي له، معلنة أن القبيلة لا تحمي من يتعاون مع الاحتلال أو يتعدى على حقوق الناس.
الإفراج بعد ضرب المقار الأمنية:
مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر، استهدف الاحتلال عشرات المقار الأمنية في غزة، ما أدى إلى انهيار البنية الأمنية الرسمية في القطاع، وهو ما استغلّه أبو شباب للخروج من السجن.
بعد خروجه، بدأ على الفور في تشكيل ميليشيا مسلحة تضم أكثر من 100 عنصر، معظمهم من أصحاب السوابق والمجرمين السابقين، بهدف السيطرة على الطرق ومخازن المساعدات، ومن ثم ابتزاز السكان واستغلال حالة الفوضى.
علاقة أبو شباب بإسرائيل: تنسيق أمني تحت الغطاء الإنساني
في مطلع عام 2025، بدأ يتردد اسم أبو شباب في الأوساط الدولية، بعد ورود اسمه في مذكرة سرّية للأمم المتحدة، تحدثت عن جماعات مسلحة تعيق وصول المساعدات إلى الجنوب وتقوم بعمليات نهب وسرقة علنية تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
وفي 30 مايو 2025، بثّت كتائب عز الدين القسام مشاهد لعملية استهدفت وحدة من “المستعربين” الإسرائيليين شرق رفح، وتبيّن لاحقًا أن هذه القوة كانت تضم عملاء فلسطينيين مجندين لصالح الاحتلال، يتبعون مباشرة لما وصفته القسام بـ”عصابة ياسر أبو شباب“.
وأكدت المقاومة أن هذه العصابة كانت مكلفة بمهام أمنية مباشرة، مثل رصد تحركات المقاومة وتمشيط المناطق الحدودية ونهب المساعدات، مقابل الحماية من قوات الاحتلال.
مشروع “القوة الشعبية”: واجهة إنسانية لغطاء أمني
في محاولة لإعادة تدوير نفسه سياسيًا واجتماعيًا، أعلن أبو شباب في مايو 2025 عن تشكيل ما سماه “القوات الشعبية” – كيان مسلح تحت شعار تأمين المساعدات – في شرق وغرب رفح، مدعومًا بمعدات عسكرية وتغطية إعلامية إسرائيلية.
ظهرت هذه القوة فجأة في مقاطع مصوّرة وهي تحرس شاحنات المساعدات، ترتدي زيًا موحّدًا، وتحمل أسلحة رشاشة، وتطلق خطابات إعلامية تتماهى مع الرواية الإسرائيلية، خاصة باللغة العربية، لتمرير صورة “المنقذ المحلي”.
لكن مصادر ميدانية وأممية أكدت أن هذه المشاهد مفبركة إلى حد كبير، وأن عناصر القوة تحظى بحماية جوية وأرضية من الاحتلال، وتنتشر في مناطق لا يجرؤ أي مدني أو مقاوم على الاقتراب منها دون التعرض للقصف.
محاولات تسويق دولية:
في مشهد يكشف حجم التورط، بدأت بعض المنصات الإعلامية الإسرائيلية والغربية في تسويق أبو شباب كـ”جهة موثوقة” لتوزيع المساعدات، في إطار خطة إسرائيلية أميركية جديدة، تقودها مؤسسة وهمية سُجلت مؤخرًا في سويسرا تحت اسم “مؤسسة غزة الإنسانية”.
وجرى تسويق الرجل على أنه “منقذ مدني محلي” في محاولة لتسويق فكرة وجود بديل عن الحكومة في غزة، على أمل كسر الحاجز النفسي الذي يمنع الفلسطينيين من التعاون مع الاحتلال.
براءة القبيلة والعائلة:
رغم محاولاته استغلال الانتماء القبلي، جاء الرد قاسيًا. ففي 30 مايو/أيار 2025، أصدرت عائلة أبو شباب نفسها بيانًا حادًا أعلنت فيه براءتها من نجلها، مؤكدة أنها دعمت تحركاته في البداية ظنًا بأنه يعمل في توزيع المساعدات، لكن المعلومات المتوفرة أكدت تواطؤه مع الاحتلال.
أعلنت العائلة أن دمه أصبح مهدورًا ما لم يسلم نفسه ويعلن توبته، وهي خطوة نادرة في المجتمع الغزي، تعبّر عن حجم الغضب الشعبي من تورط أحد أبناء المدينة في خدمة الاحتلال ضد أبناء شعبه.
مع تصاعد الجدل مجددًا حول المساعدات الإنسانية وآليات السيطرة عليها، يترافق ذلك مع حملة دعائية أمريكية–”إسرائيلية” واسعة لتسويق الخطة الجديدة للمساعدات، القائمة فعليًا على الابتزاز الإنساني وتوظيف التجويع كأداة ضغط سياسي.
وفي هذا السياق، برزت مجددًا الأسئلة حول المسارات الأكثر نزاهة وأمانًا لوصول المساعدات إلى مستحقيها، وسط واقع مركب يتداخل فيه الفشل “الإسرائيلي” مع الضغوط الدولية المتزايدة.
وتحت وطأة هذا الفشل والعجز عن إيجاد بديل محلي مقبول، اضطرت سلطات الاحتلال إلى فتح المعابر مؤقتًا والسماح بدخول المساعدات عبر القنوات التقليدية، بعدما تبيّن أن تفعيل الآلية الجديدة يتطلب تحضيرات ميدانية وأمنية معقدة اصطدمت بجدار من الرفض الشعبي والوطني والدولي.
هذا الفشل دفع الاحتلال إلى إعادة تفعيل أدواته القديمة في الداخل، وفي مقدمتها بعض المجموعات المرتبطة به أمنيًا، والتي تحظى بحماية مباشرة من طائرات ودبابات جيش الاحتلال على أطراف مدينة رفح المحتلة.
وهنا، عاد اسم ياسر أبو شباب إلى الواجهة مجددًا، لكن هذه المرة ضمن حملة أكثر تنظيمًا وتنسيقًا، تهدف إلى تلميعه وتسويقه كجهة “ضامنة” لتوزيع المساعدات، في محاولة لتغطية الفشل الإسرائيلي في تأسيس نظام محلي متعاون وشرعي.
وترافق هذا الترويج مع محاولات فلسطينية محدودة تستثمر سياسيًا في المشهد، فاختارت الاصطفاف إلى جانب “لص مساعدات” معروف، على أمل تصفية حساباتها مع قوى المقاومة.
من السجون… إلى التسلق على المعاناة
يعرف سكان المناطق الشرقية في مدينة رفح جيدًا العصابة التي تمارس البلطجة على المساعدات الإنسانية، فهذه المجموعة ليست جديدة على المجتمع المحلي، بل ارتبط اسمها طويلًا بملفات جنائية معروفة، تعود إلى ما قبل اندلاع الحرب الحالية.إذ كانت الوجهة الدائمة لكثير من عناصرها هي سجون الأجهزة الأمنية، نتيجة تورطهم في قضايا تهريب وسرقة واعتداءات متكررة.
وتبرز في المشهد شخصية ياسر أبو شباب، وهو أحد أبناء مدينة رفح، وينتمي إلى قبيلة الترابين، وهي إحدى القبائل الممتدة بين قطاع غزة وصحراء النقب وشبه جزيرة سيناء.
وبرغم محاولاته الاستقواء بالانتماء القبلي، فإن وجهاء القبيلة أعلنوا مرارًا براءتهم من أي شخص يعتدي على حقوق الناس، أو يتواطأ مع الاحتلال، مؤكدين أن الترابين كانت وما زالت تقدم الشهداء في صفوف المقاومة الفلسطينية.
عرف أبو شباب بعدائه الشديد لحركة حماس، وسبق أن اعتُقل من قِبل الأجهزة الأمنية التابعة لها بتهم تتعلق بتهريب الممنوعات وارتكاب جرائم جنائية. وقد أُفرج عنه في الأيام الأولى لحرب الإبادة، بعد أن دُمّرت عدة مقار أمنية في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي.
استغل أبو شباب حالة الفراغ الأمني والفوضى، ليشكّل ميليشيا مسلحة تضم نحو 100 عنصر، معظمهم من أصحاب السوابق الجنائية ومن الخارجين مؤخرًا من السجون. وتشير التقارير الأممية إلى أن هذه الجماعة تتحرك بتواطؤ مفضوح من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتحظى بحماية مباشرة في محيط معبر كرم أبو سالم.
ووفقًا لتحقيق نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نقلًا عن مسؤولين في منظمات الإغاثة وشركات النقل، فإن عصابات منظمة، من بينها جماعة أبو شباب، قامت باختطاف وقتل سائقي شاحنات مساعدات قرب المعبر.
وأكدت الصحيفة أن هذه العصابات أصبحت العائق الأكبر أمام وصول المساعدات إلى جنوب القطاع، وأن حكومة الاحتلال رفضت مرارًا طلبات تحسين حماية القوافل الإنسانية، ورفضت كذلك السماح للشرطة المدنية في قطاع غزة بمرافقة الشاحنات.
الأخطر، أن الصحيفة نقلت عن مذكرة داخلية للأمم المتحدة تأكيدها أن هذه العصابات “تحظى بتساهل، إن لم يكن حماية مباشرة من الجيش الإسرائيلي”، مشيرة إلى أن أبو شباب أنشأ ما يشبه “قاعدة عسكرية” داخل مناطق تخضع لسيطرة الاحتلال.
وأكدت المذكرة الأممية، وشهادات من عمال إغاثة، أن قوات الاحتلال تواجدت على مقربة من مواقع السرقات وعمليات النهب دون أن تتدخل.
من البلطجة إلى فرض الوصاية على المساعدات
صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى بوضوح إلى الاستثمار في الفوضى والبلطجة داخل قطاع غزة، إلا أن أهدافه تتجاوز مجرد خلق بيئة غير مستقرة.
فالغرض الأعمق هو تحطيم النظام القائم، ليس فقط على المستوى الحكومي، بل على صعيد البنية الوطنية والمجتمعية برمتها، وذلك عبر تعزيز التشكيلات الهامشية وتمرير أفكار مشوهة تروج لـ”العمل مع الاحتلال” كأمر طبيعي ومقبول.
تعتمد هذه الاستراتيجية، بحسب تقارير عبرية متعددة، على ضرورة كسر الحاجز النفسي الذي يمنع الفلسطينيين من التفاعل مع الاحتلال أو تقبل وجوده. فالرأي السائد في الدوائر الأمنية الإسرائيلية يرى أن هذا الحاجز –وليس التماسك الوطني– هو العائق الحقيقي أمام تنفيذ مخططاتهم.
في هذا السياق، جرى إعادة تدوير العصابة المسلحة بقيادة ياسر أبو شباب، لتلعب دور “اللاعب المحلي” في تمرير الخطة الأمريكية–الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات. وهي خطة تُخفي في جوهرها أهدافًا أمنية واستعمارية، على رأسها تمهيد الطريق لخطة التهجير وهندسة الواقع السكاني جنوب القطاع.
تتحكم مجموعة أبو شباب حاليًا في الطرق المؤدية إلى شرق رفح، حيث تمر القوافل الإغاثية. وبدأت تروج لنفسها كـ”قوة ضامنة” لحماية المساعدات، بينما تؤكد مصادر محلية ودولية أن هذا الظهور والتسليح يتم بتنسيق مباشر مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويأتي هذا الظهور في وقت تتكثف فيه محاولات تسويق الخطة الجديدة التي تقودها “إسرائيل” و”الولايات المتحدة” لتوزيع المساعدات في مناطق محددة جنوب غزة، عبر كيان جديد تم تسجيله مؤخرًا في سويسرا باسم “مؤسسة غزة الإنسانية”.
وفي المشهد الميداني، يظهر عناصر الجماعة وهم مسلحون بأسلحة رشاشة، يفرضون وصايتهم على عمليات التوزيع، ويقدمون خطابًا إعلاميًا بات مصقولًا بعناية ويتناغم تمامًا مع الرواية الإسرائيلية، خاصة تلك الموجهة للعرب باللغة العربية.
هذه التحركات تُشكل جزءًا من مشروع متكامل لفرض الشروط الإسرائيلية على العملية الإنسانية، وتحويلها إلى أداة ضغط سياسي، وفي الوقت ذاته، دفع السكان تدريجيًا نحو الجنوب، في تمهيد عملي لخطة تهجير نحو الحدود المصرية.
وتكتمل الصورة بمشاهد دعائية بثتها وسائل الإعلام العبرية، زعمت أنها توثق توزيع مساعدات في منطقة تل السلطان غرب رفح تدعي فيها نجاح الآلية الجديدة، رغم فشلها المدوي على أرض الواقع.
الزوايا المصورة، وتوقيت النشر، وهوية الأشخاص الظاهرين في الصور، كلها أثارت شكوكًا واسعة، خصوصًا في ظل معلومات تفيد بأن بعض هؤلاء العناصر هم من الجماعة ذاتها المحسوبة على أبو شباب.
وبالتالي فإن ما جرى إخراجه لم يكن مشهدًا إنسانيًا بقدر ما كان عرضًا دعائيًا مفبركًا، أريد له أن يروّج لنجاح الآلية الإنسانية الجديدة، بينما الواقع على الأرض يعكس رفضًا شعبيًا واسعًا لها، من كل مكونات المجتمع الفلسطيني ومؤسساته.
محاولة يائسة لإنتاج “روبن هود” بمقاييس إسرائيلية
على مدى أشهر الحرب، فشل الاحتلال الإسرائيلي في إنتاج أي نموذج محلي متعاون يُعوَّل عليه، رغم محاولاته المتكررة للاستثمار في العشائر، أو المكونات المحلية، أو حتى المؤسسات الأهلية والدولية، لبناء نواة نظام جديد يتماشى مع رؤية بنيامين نتنياهو لما يُسمى “اليوم التالي” في قطاع غزة.
ومع تعثر مشروعه العسكري والسياسي، أُضيف فشل جديد إلى سجل “الهسباراه” –آلة الدعاية الصهيونية– في تأليب المجتمع الفلسطيني على قواه الوطنية والإسلامية، أو خلق حالة تمرّد جماهيري تنقلب على المبادئ التي شكّلت صمّام الأمان الوطني للقطاع.
ومن رحم هذا الفشل، يولد البؤس الذي يدفع الاحتلال إلى التمسك بأكثر الخيارات وضاعة، بمحاولة تلميع وتدوير شخصية هامشية كـياسر أبو شباب، وتقديمه كنموذج محلي “منقذ”، في محاولة لتسويقه أمام الولايات المتحدة والدول الغربية، وكأن بإمكان الاحتلال أن يخلق بديلًا يتماهى مع طموحاته الأمنية.
في هذا المشهد البائس، تُقدّم شخصية متورطة في السرقات والاعتداءات والقتل كنسخة مقلوبة من “روبن هود”، لا لشيء سوى لأنها تخدم الرواية الإسرائيلية. الرجل الذي سرق المساعدات وأشرف على قتل وجرح سائقين الشاحنات تحت حماية الاحتلال، يُقدَّم فجأة على أنه الضامن والراعي لتوزيع الإغاثة، لا بل “حاميها”.
ولإخراج هذه المسرحية، بدأت منصات إعلامية وأبواق ناطقة باسم الاحتلال أو مُنخرطة ضمن خطابه، بالترويج للصور والمشاهد المصممة بدقة، والتي تُظهر عناصر العصابة بزي موحّد وتجهيزات عسكرية، لتصديرهم كقوة منظمة، لا كمجموعة من السارقين والمتعاونين مع الاحتلال.
يسعى الاحتلال من خلال هذا التوظيف الإعلامي–الأمني إلى البحث من جديد عن اختراق الحاجز النفسي للمجتمع الغزي، وصناعة أيقونة بديلة ترمز لفكرة “البديل الممكن”، رغم أنها قائمة على الوهم والخداع. فكل ما فشل فيه الاحتلال من محاولات إشاعة الفوضى، وتعزيز الحصار، وتفكيك البنية المجتمعية، يريد الآن أن يعيد تصديره بصيغة “حل إنساني”، من خلال أدواته.
لكن هذا التوجه لا يعكس فقط انحدارًا أخلاقيًا، بل يكشف عمق الفشل الاستراتيجي الإسرائيلي، أمام سؤال لم يجد له إجابة منذ اليوم الأول للحرب: كيف يمكن هندسة الواقع في غزة دون قواها الوطنية الأصيلة؟
وهو سؤال محسوم الإجابة سلفًا من كل المكونات السياسية الفلسطينية التي عبرت بوضوح: لا شرعية لأي مسار لا ينبثق من التوافق الوطني. وأي محاولة لخلق بدائل مشوّهة، لن تكون سوى تكرار للفشل، وارتطام جديد بجدار المناعة الوطنية الذي أثبت صلابته.
فالسارق لن يُصبح “روبن هود”، ومصيره –كما كل المتعاونين– سيكون الحتمي ذاته: السقوط أمام الإرادة الجمعية لشعبٍ يعرف جيدًا عدوه، ويعرف أدواته.
ياسر أبو شباب ينفي مزاعم الدعم الإسرائيلي ويؤكد استقلاليته
ياسر أبو شباب ينفي تلقي دعم إسرائيلي ياسر أبو شباب، قائد ميليشيا في رفح، ينكر تقارير “كان” حول دعم إسرائيلي مزعوم ويصفها بمحاولة لزرع الفتنة وتقويض صورته. 17:10 | 06 يونيو 2025
ياسر ابو شباب نفى ياسر أبو شباب، قائد ما يُعرف بـ”القوات الشعبية” في رفح، صحة ما نشرته قناة “كان 11” عن تلقيه دعمًا وتسليحًا من إسرائيل، مؤكدًا في منشور على فيسبوك: “لم نكن ولن نكون أداة بيد الاحتلال، ولن نسمح باستخدام اسمنا لأهداف مشبوهة”.
وصف أبو شباب هذه التقارير بأنها “باطلة من أساسها”، وادعى أن الأسلحة بحوزتهم “بسيطة جدًا” وتم الحصول عليها من تبرعات السكان والشباب الذين قرروا حماية المساعدات من النهب والدفاع عن العائلات في شرق رفح.
ودعا لزيارة المنطقة الخاضعة لسيطرته “قبل نشر الأكاذيب التي تخدم رواية الاحتلال وتسعى إلى تعميق الانقسام”.
وكانت “كان 11” قد كشفت أن إسرائيل، بموافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، سلّحت جهات مناوئة لحماس في غزة، عبر الشاباك وبالتعاون مع جيش الدفاع، دون علم الكابينيت. وتم مناقشة العملية في لجنة برلمانية مغلقة.
وفي وقت سابق، ظهر أبو شباب في تسجيل مصوَّر قال فيه إن قواته تسيطر على مناطق “تحررت من حماس” ويعمل بتنسيق مع السلطة الفلسطينية لتقديم مساعدات وحماية السكان، مضيفًا أن وجودهم في مناطق خاضعة لجيش الدفاع “ليس خيارًا، بل فرضته الظروف”.