حوادث وقضاياملفات وتقارير

حشيش العيد يفتك بالشباب .. ضحكة قاتلة تنتهي في غرفة الإنعاش

في لحظة احتفال، وبين ضحكات الأصدقاء وأغاني العيد الصاخبة، لا يتخيّل أحد أن ضغطة صدر مفاجئة أو خفقان قلب غير مفسر قد يكون بداية النهاية.

لم يعد الحشيش “مزحة العيد” كما كان يُروّج له في جلسات الشباب، بل تحوّل إلى قنبلة موقوتة تُفجر شرايين القلب دون سابق إنذار.

في مصر، تتصاعد حوادث الجلطات بين الشباب بشكل صادم، والمشترك القاتل في معظمها: “سيجارة الحشيش” التي تبدأ بـ”ضحكة” وتنتهي بـ”إنعاش قلبي رئوي”.

موقع “أخبار الغد” يكشف الحقيقة المخيفة التي تخفيها المناسبات، ويحمل بين سطوره شهادات من الواقع، صرخات أسر، وأطباء يحذرون من سلاح مخدر يفتك بجيل كامل دون رحمة.

حشيش العيد يفتك بالشباب

ارتفاع مخيف في الجلطات القلبية لدى شباب العشرينات والثلاثينات خلال الأعياد

أعيادٌ تمر بضحكاتٍ ومناسباتٍ عائلية، لكنها تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى مشهدٍ مقلق يتكرر في طوارئ المستشفيات المصرية: شباب في عمر الزهور، بلا تاريخ مرضي واضح، يتساقطون بنوبات قلبية حادة بعد ساعات من تعاطي الحشيش، والذي بات يُعرف شعبيًا بـ”حشيش العيد”.

لم يعد الأمر مزحة موسمية ولا تجربة مؤقتة، الظاهرة تتسع، والإحصاءات تشير إلى موجة صامتة من الجلطات القاتلة بين أوساط الشباب، والسبب الأساسي – كما يكشفه تحقيقنا – هو تعاطي الحشيش، سواء كان مهربًا أو مغشوشًا بمواد تؤدي إلى تلف مفاجئ بالأوعية الدموية.

الأرقام تكشف الحقيقة المرعبة

شهدت حالات الجلطات القلبية بين الشباب في الفئة العمرية من 18 إلى 35 عامًا ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 27% خلال عيد الفطر الماضي.

وبحسب بيانات من ثلاث مستشفيات كبرى، فإن 70% من المرضى الذين دخلوا غرف القسطرة القلبية كانوا من الشباب الذين أقرّوا بتعاطي الحشيش خلال الـ 48 ساعة السابقة لدخول المستشفى.

اللافت أن 60% من هؤلاء المصابين لم يكن لديهم أي سجل طبي لأمراض مزمنة، مما يسلط الضوء على خطورة التعاطي وتأثيره المفاجئ على صحة القلب.

آراء المواطنين والمختصين:

أوضح الدكتور أحمد الغندور أخصائي أمراض القلب والقسطرة

    “نحن نرى شبابًا في ريعان العمر يدخلون المستشفى في حالة حرجة، والسبب الأكثر شيوعًا هو تشنجات شريانية حادة ناتجة عن تعاطي الحشيش. بعضهم يصل متأخرًا، والبعض الآخر يُنقذ في اللحظة الأخيرة. لا يمكن التغاضي عن هذه الظاهرة بعد الآن”.

    أكدت الدكتورة ريم زايد استشارية الطب النفسي

      “للأسف، كثير من الشباب يلجأون للحشيش كوسيلة للهروب أو المتعة المؤقتة في المناسبات، دون وعي بخطورته النفسية والجسدية. التعاطي المتكرر خاصة في مناسبات مثل العيد يقود إلى تغييرات مزاجية واضطرابات حادة، قد تكون مدخلًا لأزمات قلبية أو سلوكيات انتحارية”.

      أشار الدكتور جمال شعبان خبير أمراض القلب

        “ما نراه هو جريمة صحية صامتة. الحشيش المُتداول الآن ليس كما كان منذ عشر سنوات. نواجه أنواعا مغشوشة تحتوي على مواد كيماوية تؤثر مباشرة على القلب والمخ. هناك ضرورة لتحرك عاجل على مستوى الصحة والتوعية والتعليم”.

        أكد مصطفى بدر الدين محاسب، 34 عامًا

          “كنت أعتقد أن الحشيش مجرد وسيلة ترفيه، خصوصًا في أيام العيد، لكني فقدت صديقًا عزيزًا بسبب جلطة مفاجئة بعد تعاطي سيجارة واحدة. كان شابًا رياضيًا ولم يعانِ من أي مرض. ما حدث صدمة لن ننساها”.

          أوضحت فاطمة الزهراء عبد المجيد مدرسة علوم

            “ما يحدث كارثة. الشباب بيلجأوا للحشيش باعتباره ‘موضة’ أو ‘تريند’ العيد. لا يعرفون أن التعاطي حتى لمرة واحدة ممكن يسبب ضيق في الشرايين، ويموت فجأة. شاهدت طالبًا عندي ينهار أمام الفصل بعد العيد مباشرة”.

            أشار محمد حسين عبد القادر طالب جامعي

              “أعرف زميلًا تعاطى الحشيش لأول مرة ليلة العيد، تاني يوم دخل العناية المركزة. الدكاترة قالوا إن عنده انسداد في الشريان التاجي. موقف صادم خلاني أراجع مفهومي عن الترفيه. فيه حاجات ماينفعش نجربها”.

              أكدت سلمى عبد العظيم إخصائية اجتماعية

                “في الأحياء الشعبية بالذات، هناك ما يشبه الحملة لترويج الحشيش خلال الأعياد، وكأنه جزء من الطقوس. الشباب يتورط دون إدراك، وأحيانًا يشتروه مخلوطًا بمواد تسبب هبوطًا حادًا أو تجلطات. يجب أن نبدأ حملات توعية من المدارس”.

                أوضح شريف كامل عبد الستار صيدلي

                  “المشكلة أن الحشيش دلوقتي مش طبيعي. أغلب العينات فيها مواد مخلقة كيماويًا بتسبب تضيق الشرايين ورفع ضغط الدم فجأة. مافيش حاجة اسمها آمن أو طبيعي في السوق دي”.

                  أكد الدكتور عمرو الرفاعي خبير السموم الإكلينيكية

                    “بعض أنواع الحشيش في السوق مختلطة بمواد مثل الزجاج المطحون أو المذيبات الصناعية، لزيادة الوزن أو الفعالية. هذه المواد تدخل مجرى الدم وتؤدي إلى جلطات دموية قاتلة”.

                    أشارت نادية محمود ربة منزل

                      “ابني عمره 22 سنة، رجع من العيد بتعب وإرهاق، وبعد ساعات فقد الوعي. اتضح إنه جاله جلطة. لما فاق، اعترف إنه جرّب الحشيش مع أصحابه للضحك بس. مش قادرة أنسى الرعب ده”.

                      أكد المهندس خالد طارق متطوع بمبادرات شبابية صحية

                        “عملنا استبيان على 500 شاب، 38% قالوا إنهم جرّبوا الحشيش خلال المناسبات. ده رقم مخيف. لو ماكثفناش التوعية، ممكن نخسر جيل كامل”.

                        أوضح الدكتور أيمن فتحي أستاذ طب الطوارئ

                          “كل عيد، بنستقبل ما لا يقل عن 10 شباب بأعراض جلطة، وأغلبهم بيكون تعاطى مادة مخدرة. المسألة أصبحت نمطًا متكررًا”.

                          أشار علاء منصور محامي

                            “أصبحنا نرى قضايا مرتبطة بتعاطي مخدرات الأعياد، خاصةً الحشيش، وما ينتج عنها من تصرفات جنائية أو وفيات مفاجئة، خصوصًا في فئة الشباب”.

                            أكدت الناشطة الحقوقية منى الجيار مهتمة بقضايا الشباب

                              “غطيت حالات عدة لشباب توفوا أو أصيبوا بعجز دائم بسبب سيجارة حشيش مغشوش. نحن أمام كارثة مجتمعية تتفاقم ولا يتم التعامل معها بجدية كافية”.

                              أوضح الدكتور طارق زيدان رئيس وحدة السموم بإحدي المستشفىات

                                “نحن بحاجة إلى تشريعات جديدة تجرّم بيع أو تداول المواد المخدرة الصناعية ضمن الحشيش. التأثير الآن أكثر فتكًا من الهيروين”.

                                تحليل واستنتاجات حرجة

                                أصبحت فكرة أن الحشيش “آمن” مجرد وهم يتلاشى أمام الواقع المرير. الارتفاع المفاجئ في معدلات الجلطات بين الشباب مرتبط بشكل مباشر بتعاطي الحشيش، لا سيما الأنواع المغشوشة أو المصنعة كيميائيًا التي تحتوي على مواد ضارة تزيد من خطر انسداد الشرايين.

                                هذا الوضع يتطلب تحركًا عاجلًا على مستوى المجتمع، القطاع الطبي، والجهات التشريعية للحد من انتشار هذه الظاهرة والحد من خسائرها الصحية والاجتماعية.

                                بين فرحة العيد وضحكات الشباب، تختبئ كارثة صامتة تُسرق الأرواح الواعدة من قلب المجتمع، حشيش العيد لم يعد مجرد “تجربة مؤقتة”، بل صار قاتلاً خفيًا يفتك بالشباب، ويقذف بهم إلى غرف الإنعاش دون رحمة أو سابق إنذار.

                                أمام هذا الانفجار الصحي، لا يكفي الندم أو الأسى، بل لا بد من تحرك جماعي عاجل: توعية حقيقية، تشريعات صارمة، ورقابة شديدة لمنع انتشار هذا السم القاتل.

                                فالضحكة التي تبدأ بها العيد قد تكون آخر ضحكة في حياة شابٍ كان من الممكن أن يكون مستقبل هذا الوطن. حان الوقت لنوقف هذه المأساة قبل أن تتحول إلى كارثة وطنية لا رجعة فيها.

                                بين ضحكة العيد ونهاية مأساوية، يقف شباب مصر على حافة خطرٍ صامت، الحشيش، الذي ظنه البعض وسيلة احتفال، أصبح سببًا في دخول غرف الإنعاش، وربما القبور .. فلنعد التفكير قبل أن يضحك العيد علينا لا معنا.

                                المزيد

                                اترك تعليقاً

                                لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

                                زر الذهاب إلى الأعلى