حوادث وقضايا

عدالة أسيوط تفتح نارها: أحكام مشددة تزلزل أوكار المخدرات والسلاح

في محافظة تضرب بجذورٍ عميقة في تاريخ الصعيد، كتب القضاء الأسيوطي سطورًا جديدة من المجد، عندما أزاحت ثلاث دوائر من دوائر محكمة جنايات أسيوط الستار عن قصص دامية من تجارة الموت، واتخذت موقفًا لا رجعة فيه العدالة أقوى من رصاص العصابات، وأطهر من سموم المخدرات.

في ثلاثة مشاهد متتالية، أشبه بالدراما السينمائية لكن وقائعها من أرض الواقع، وقف ثلاثة متهمين كل في قفصه، تتقاطع مصائرهم عند خط النهاية أحكام قاسية تليق بما اقترفته أيديهم.

حيث جسدت ساحات محاكم جنايات أسيوط كيف أن العدالة لا تعرف هوادة مع من تسول له نفسه نشر سموم المخدرات أو رفع السلاح في وجه الدولة، فقد صدرت أحكام رادعة في ثلاث قضايا متفرقة تورط فيها متهمون بالاتجار في المواد المخدرة وحيازة الأسلحة، بل ومحاولة قتل رجال الشرطة أثناء أداء واجبهم.

الدائرة الحادية عشرة بجنايات أسيوط .. العدالة تبدأ من الحمراء

في أولى الضربات القضائية، الدائرة الحادية عشرة بمحكمة جنايات أسيوط كانت أول من رفع راية العدالة، في واحدة من أبرز القضايا التي هزت قسم ثان أسيوط.

فقد أصدرت الدائرة الحادية عشر بمحكمة جنايات أسيوط حكمها في القضية رقم 1733 لسنة 2025 جنايات قسم ثان أسيوط، بمعاقبة متهم بالسجن المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لاتهامه بالاتجار في المواد المخدرة، إلى جانب الحبس لمدة عام وغرامة 10 آلاف جنيه لحيازته سلاحين ناريين وذخيرة دون ترخيص.

صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد عبدالتواب صالح رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين ضياء الدين أحمد دهيس نائب رئيس المحكمة، وعلاء الدين سيد عبدالمالك، وأمانة سر عادل أبوالريش وزكريا حافظ.

القصة بدأت عندما وردت معلومات إلى النقيب فتحي طوسون، مفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات بمنطقة أسيوط، بدأت الخيوط تتجمع، حتى جاءت لحظة الحسم.

تفيد باتخاذ المدعو “محمد ر. م.” – 32 عامًا، عاطل ومقيم بمنطقة الحمراء – لم يكن يبيع المخدرات من أطراف المدينة أو يتنقل في الظلام، بل حوّل منزله في منطقة الحمراء إلى نقطة توزيع رئيسية، لا تميز بين نصف الجملة والقطاعي. منزلٌ يفتح أبوابه للمدمنين، ويغلقها على الموت البطيء.

وبعد تقنين الإجراءات، داهمت قوة أمنية يقودها الرائد أحمد عادل عبد العال والنقيب طوسون منزل المتهم، لم يكن المشهد سهلًا، إذ وُجد بحوزة المتهم جوال بلاستيكي بداخله بندقيتان خرطوش تركي الصنع، 5 طلقات نارية، و6 أكياس من مخدر الشابو مختلفة الأحجام، بالإضافة إلى مبلغ 400 جنيه، اعترف المتهم أنها من حصيلة بيع السموم.

اعترف الرجل دون مراوغة “أبيع الشابو .. والسلاح لحماية شغلي”، هكذا قال.

لكن العدالة لم ترتجف، وأصدرت المحكمة حكمها سالف الذكر بالسجن المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه للاتجار، بالإضافة إلى الحبس سنة وغرامة 10 آلاف جنيه لحيازة السلاح.

الدائرة العاشرة بجنايات أسيوط .. سقوط “عامل السموم” في أبوتيج

وفي مشهد قضائي موازٍ، أسدلت الدائرة العاشرة بمحكمة جنايات أسيوط الستار على القضية رقم 1305 لسنة 2025 جنايات أبوتيج، بإدانة متهم بالسجن المشدد 10 سنوات وتغريمه 100 ألف جنيه للاتجار في مادتي الهيروين والشابو المخدرتين بمدينة أبوتيج.

ترأس المحكمة المستشار محمد رفاعي عبدالحافظ، وعضويتها المستشارين أحمد محمد حلاوة وحسين إبراهيم محمد، وسكرتارية عبد المنصف إبراهيم وعاطف رمسيس.

بدأت وقائع القضية بمعلومة وصلت إلى النقيب محمد مظهر، معاون مباحث قسم شرطة أبوتيج، تفيد بأن المتهم “محمود ر. أ.“، 34 عامًا، عامل وله سجل جنائي ثقيل بـ19 قضية متنوعة، يدير نشاطًا إجراميًا من مسكنه.

وبعد التحري وإصدار إذن النيابة، تمت مداهمة منزل المتهم الذي ضبط بحوزته 23 كيسًا من الهيروين و49 لفافة من الشابو، إلى جانب هاتف محمول و1360 جنيهًا، أقر المتهم أنها من عوائد البيع وأن الهاتف وسيلته للتواصل مع زبائنه.

الدائرة السادسة بجنايات أسيوط .. معركة في القوصية تنتهي بالسجن 75 عامًا

وكان الختام الأكثر إثارة أمام الدائرة السادسة بمحكمة جنايات أسيوط التي حكمت في القضية رقم 39432 لسنة 2024 جنايات القوصية، بمعاقبة أحد أخطر المطلوبين، بالسجن 75 عامًا وغرامة 570 ألف جنيه، على خلفية حيازته أسلحة نارية ومواد مخدرة، وإطلاق النار على قوة أمنية أثناء محاولة ضبطه.

صدر الحكم برئاسة المستشار طارق محمود وصفي، وعضوية المستشارين محمد أبوسداح نائب رئيس المحكمة، وخالد عثمان محمد، وأمانة سر سيد علي بكر وناصر فؤاد.

الواقعة بدأت حين تلقت وحدة مباحث القوصية، بقيادة النقيب محمود حمادة، معلومات حول نشاط إجرامي خطير يديره ثلاثة أشقاء وهم: “مصطفى ع. ا.” و”مبروك” و”سيد“، المتهمين بتشكيل عصابي للإتجار في المخدرات وحيازة الأسلحة النارية والهروب من تنفيذ أحكام في قضايا قتل وسلاح ومخدرات.

قاد العقيد شريف شوقي عبدالواحد، رئيس فرع الأمن العام بأسيوط، حملة موسعة بالتعاون مع قوات من الأمن المركزي ومدرعات، استهدفت منزل المتهمين، الذين بادروا بإطلاق نار كثيف من أسلحة آلية من داخل أرض زراعية خلف مساكنهم.

وبعد ساعات من الاشتباك، تمكنت القوات من السيطرة على الموقف، وضبط اثنين من المتهمين وهما مصابين بإصابات خطيرة، فيما توفي الاثنان لاحقًا خلال تلقي العلاج، وتم ضبط كميات ضخمة من الأسلحة والذخيرة شملت:
9 بنادق آلية، 15 بندقية خرطوش، 21 فرد محلي، 17 طربة حشيش، 68 كيس شابو، 4 أجولة بانجو، و371 طلقة متنوعة.

العدالة لا تنام

تلك الوقائع، على اتساعها الجغرافي وتنوع المتهمين والمواد المضبوطة، تعكس تكامل الجهود بين أجهزة إنفاذ القانون وأروقة القضاء، حيث تؤكد محاكم جنايات أسيوط بدوائرها المختلفة أن يد العدالة تمتد بثبات، وأن معارك الوطن ضد المخدرات والسلاح لا تنتهي إلا بالنصر.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى