حوادث وقضايا

السجن المؤبد لعامل استدرج طفلين بـ 200 جنيه وهز براءة الفرافرة

أسدلت محكمة جنايات أسيوط الستار على واحدة من القضايا التي هزّت الرأي العام، بعدما قضت الدائرة العاشرة بالسجن المؤبد على عامل شاب حاول اختطاف طفلين صغيرين بعد أن استدرجهما بمبلغ لا يتجاوز 200 جنيه، في واقعة وقعت تفاصيلها داخل إحدى القرى الهادئة بمركز الفرافرة بمحافظة الوادي الجديد.

جاء الحكم في جلسة شهدت انضباطًا وحسمًا، برئاسة المستشار محمد رفاعي عبدالحافظ، وعضوية كل من المستشار أحمد محمد حلاوة، والمستشار حسين إبراهيم محمد، وسكرتارية كل من عبدالمنصف إبراهيم وعاطف رمسيس. ولم تكن الجلسة مجرد قراءة حكم، بل كانت مشهدًا للعدالة وهي تقف بثبات لحماية براءة الطفولة من التعدي والانتهاك.

بلاغ مواطن .. أنقذ طفلين من فخ لا يُغتفر

وتعود أحداث القضية رقم 1004 لسنة 2025 جنايات الفرافرة إلى لحظة يقظة ضمير مواطن يُدعى عثمان ي. ع.، حين لاحظ سلوكًا مريبًا من أحد الأشخاص تجاه طفلين كانا يلعبان أسفل شجرة يجمعان منها ثمار النبق، في مشهد عادي يتكرر يوميًا في الريف المصري. إلا أن ما حدث بعدها لم يكن عاديًا.

المتهم، ويدعى محمد ع. ع.، يبلغ من العمر 26 عامًا، اقترب من الطفلين عبدالله ج. وعبدالرحمن ر. – وكلاهما في الثامنة من عمره – وبدأ حديثًا يبدو في ظاهره بريئًا، ثم عرض عليهما مبلغ 200 جنيه مقابل أن يرافقاه، مستغلًا بساطتهما وعدم إدراكهما لحجم الخطر.

الأهالي يتدخلون .. والشرطة تتحرك

بفضل فطنة المواطن عثمان، جرى ضبط المتهم في الحال، قبل أن يتمكن من اصطحاب الطفلين بعيدًا. وعلى الفور، أُبلغت الأجهزة الأمنية، حيث انتقل النقيب عبدالفتاح عيسى، معاون مباحث مركز شرطة الفرافرة، إلى موقع الواقعة وتمكن من القبض على المتهم.

وأوضحت التحريات التي أجراها النقيب عبدالفتاح إبراهيم أن المتهم كان يتربص بالطفلين، وتابع تحركاتهما أثناء لعبهما، ثم لاحقهما بخطوات هادئة محاولًا استمالتهما بالكلام المعسول والمقابل المالي، لكن الصغار ارتبكوا وانتقلوا إلى شجرة أخرى، فتبعهما المتهم وأمسك بيديهما محاولًا إجبارهما على الذهاب معه. ولولا تدخل المواطن الذي شاهده وأدرك خطورة الموقف، لتحولت الواقعة إلى كارثة.

محكمة الجنايات: لا رحمة في الاعتداء على البراءة

وخلال المرافعة، استعرضت النيابة العامة تفاصيل الواقعة والتحريات التي أثبتت صحة البلاغ، وأكدت أن المتهم لم يكن عابر سبيل، بل شخص تتبع الصغار عن قصد. ومع توافر الأدلة والشهادات، لم تجد المحكمة بدًا من توقيع أقصى عقوبة مقررة قانونًا في مثل هذه القضايا.

وأكدت هيئة المحكمة في حيثيات الحكم أن حماية الطفولة هي واجب أخلاقي وقانوني لا يُتهاون فيه، وأن محاولة المساس ببراءة الأطفال جريمة لا تسقط بالتقادم، بل تتطلب ردعًا رادعًا لكل من تسول له نفسه تكرارها.

نهاية لا تنسى .. وبداية لوعي مجتمعي

بهذا الحكم، لا تنتهي فقط وقائع القضية، بل تبدأ مرحلة جديدة من الوعي المجتمعي بأهمية حماية الأطفال والإبلاغ الفوري عن أي سلوك مشبوه. إنها قصة قد تكون تكررت بصور مختلفة، لكنها هذه المرة وجدت قاضيًا حازمًا، ومواطنًا يقظًا، وعدالة لا تعرف التهاون.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى