حزب غد الثورة الليبرالي المصري يدين المهزلة القضائية في تونس ويدعو لاستعادة العدالة والحرية

بيان حزب غد الثورة الليبرالي المصري بشأن المهزلة القضائية في تونس
حين تتحوّل العدالة إلى سيفٍ بيد الطغيان، وتُدار المحاكم كأنها ثكنات، لا عجب أن يُحاكم الشرفاء بتهم ملفّقة، ويُدان الأحرار لأنهم نطقوا بالحق، ويُدان الوطن لأن في قلوب أبنائه نبض ثورة لم يخمد.
يتابع حزب غد الثورة الليبرالي المصري بقلق بالغ وأسفٍ عميق مسلسل الانحدار المريع في مؤسسات العدالة التونسية، وهو ما تجلّى مؤخراً في إصدار المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة لأحكام غيابية بالسجن ٢٢ عامًا مع النفاذ، طالت كوكبة من أبرز رموز ثورة الكرامة والديمقراطية، وفي مقدّمتهم الرئيس الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي، الذي لم يكن خصمًا للسلطة، بل ضميرًا للوطن، وسفيرًا لقضايا الحرية في تونس والعالم العربي.
إن الزجّ باسم الدكتور المرزوقي، هذا الرمز الفكري والأخلاقي، في قضية تُروّج لها تهمة “الإرهاب”، لهو العبث بعينه، بل هو استخفاف بالعقول، ومؤشّر خطير على حجم التشويه المتعمّد لقيم الثورة، والعدالة، والديمقراطية، من قبل سلطة لا تفرّق بين العدل والانتقام، ولا بين المحاكمة والإقصاء.
كما نثمّن عاليًا المواقف الوطنية الصلبة للمهندس عماد الدايمي، أحد أبرز الأصوات الإصلاحية التونسية، الذي وقف دومًا مع الشفافية، محاربًا للفساد، وناصرًا لحقوق التونسيين وكرامتهم، مُسلّحًا بالحقيقة، مُنحازًا للحكمة، لا يُجيد المواربة ولا يعرف التلوّن.
ونُحيّي وقفة الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني، عميد المحامين التونسيين، الذي لم يغادر موقعه في خطوط الدفاع عن الإنسان وكرامته، فكان شاهدًا وشهيدًا في آنٍ معًا على اغتيال العدالة تحت مظلّة القانون، متمسكًا بروح القضاء لا بتعليمات السلطة.
ولا يسعنا، في هذا المقام، إلّا أن نُدين – وبأشدّ العبارات – هذا الانقلاب الممنهج على قيم ثورة الياسمين وربيعها المشرق، والذي يقوده الرئيس التونسي قيس سعيّد، الرجل الذي يفترض فيه – بوصفه أستاذًا في القانون الدستوري – أن يكون نصيرًا للعدالة، فإذا به يهدمها حجراً حجراً، ويجعل من سُلطته مرآةً مشوّهة للاستبداد المقنّع بزيّ دستوري.
لقد صار القضاء في تونس، منذ استيلاء قيس سعيّد على السلطات الثلاث، أداة في يد منقلبٍ على الثورة، لا يرى في الدستور سوى عثرة أمام طموحه الفردي، ولا في البرلمان سوى عبء على مطامعه، وقد بلغ هذا الانحدار ذروته في حلّ المجلس التشريعي المنتخب، وتكميم أفواه نوّابه، وزجّ رموزه في السجون.
ومن هنا، فإننا في حزب غد الثورة الليبرالي المصري نطالب بـ الإفراج الفوري وغير المشروط عن كافة المعتقلين السياسيين في تونس، وعلى رأسهم رئيس البرلمان الشرعي المنتخب، الشيخ راشد الغنوشي، وكافة النواب المعتقلين معه، الذين دافعوا عن إرادة الشعب فحُوصروا، وعبّروا عن ضمير الثورة فطوردوا، في مشهد يُعيد للأذهان أبشع مراحل الانقلاب على البرلمانات في تاريخ الاستبداد العربي.
كما ندعو المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، والاتحادات القانونية، إلى تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية، وعدم الصمت إزاء ما يجري في تونس من انتكاسة قانونية وسياسية، تهدم مكتسبات الربيع العربي وتُعيد إنتاج أنظمة القمع بثوب ديمقراطي زائف.
إن تونس التي فجّرت شرارة الربيع العربي، ليست أرضًا للمشانق السياسية، بل ميدانًا مفتوحًا للحرية والكرامة، وملاذًا للكلمة الحرة. ولن يكون قيس سعيّد استثناءً ممن حاولوا محو ذاكرة الثورات… فالأوطان لا تُدار بالمراسيم، ولا تُبنى على أنقاض المجالس الشرعية، ولا تستقيم بالبطش المموّه بشرعية مدّعاة.
ختامًا، نُجدد موقفنا المبدئي بأن لا عدالة في ظلّ السلطة المطلقة، ولا شرعية لمن ينقلب على إرادة شعبه، ولا مستقبل لأي مشروع يُبنى على الخوف لا على الحرية… وإنّ تونس ستعود، كما كانت، منارةً للحق، حين يستفيق العقل الجمعي، وتنهض من تحت الرماد نار الثورة التي لا تنطفئ.
رئيس حزب غد الثورة
د. أيمن نور
٢١ يونيو ٢٠٢٥