رياضة

مليارات الدراهم تستثمر في المغرب لمونديال 2030 وسط تحديات اقتصادية وبيئية حادة

شهدت المملكة المغربية تحركًا واسعًا في قطاع البناء خلال الفترة الأخيرة مع اقتراب موعد استضافة نهائيات كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، حيث تم ضخ استثمارات ضخمة تتراوح بين 50 و60 مليار درهم أي ما يعادل 5 إلى 6 مليارات دولار لتطوير المنشآت الرياضية والبنى التحتية المرتبطة بها في مدن كبرى منها الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة وفاس وأغادير.

تضمّن هذا الإنفاق نحو 25 مليار درهم مخصصة للتمويل من الميزانية العامة خلال الفترة الممتدة من 2024 حتى 2030، مع مشاريع واسعة تشمل تهيئة الملاعب وتوسيع شبكات الطرق وتعزيز البنية التحتية الأساسية، ما يخلق دينامية قوية في قطاع البناء الوطني ويدعم تطوره بشكل ملموس.

سجل قطاع البناء ارتفاعًا ملحوظًا في فرص الشغل إذ أسهم في خلق حوالي 52 ألف وظيفة جديدة خلال الربع الأول من عام 2025، ما يمثل حوالي 12.5% من إجمالي العمالة بالمغرب، مع توقعات بزيادة الطاقة الإنتاجية المستعملة إلى 72% في الربع الثاني رغم وجود تحديات في سلاسل التموين وبعض الصعوبات في توفير اليد العاملة المؤهلة.

واجهت المشاريع تحديات كبيرة تتمثل في ارتفاع تكاليف البناء بسبب تطبيق معايير بيئية صارمة تتطلب الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات متقدمة لترشيد استهلاك المياه والطاقة، بالإضافة إلى ضرورة تدوير النفايات وتقليل البصمة الكربونية مما أثر على ميزانيات التنفيذ.

كما ظهرت ضغوطات على سوق العمل بسبب نقص اليد العاملة المؤهلة مما أدى إلى ارتفاع الأجور بنسبة تصل إلى 50% في بعض الفترات، إلا أن تأثير الجفاف في القطاع الزراعي ساعد في انتقال بعض العمال إلى قطاع البناء مما قلل من حدّة النقص.

على مستوى القدرة الإنتاجية، بلغت طاقة إنتاج الأسمنت الوطنية حوالي 20 مليون طن سنويًا، مقارنة بطلب عادي يصل إلى 14 مليون طن، وهو ما يضمن تلبية حاجيات مشاريع المونديال دون حدوث اختناقات كبيرة في المواد الأساسية للبناء.

يتزامن هذا الزخم الاستثماري مع تحذيرات من خطر تحويل بعض المنشآت الرياضية إلى أعباء مالية ضخمة بعد انتهاء الحدث، خصوصًا في ظل التجارب الدولية التي أظهرت ارتفاع تكاليف الصيانة والتشغيل للملاعب التي لا تُستغل بالشكل المناسب بعد انتهاء المنافسات، ما يستوجب النظر في تطوير نماذج استخدام متعددة لهذه المنشآت لضمان الاستمرارية الاقتصادية والاجتماعية.

تُعدّ هذه المشاريع امتدادًا لاستراتيجية وطنية شاملة تستهدف تحديث البنية التحتية في قطاعات النقل والطاقة والموانئ، مستفيدة من شراكات دولية مع عدة دول مثل الصين وتركيا، بما يعزز من تبادل الخبرات ويرتقي بجودة التنفيذ التقني والتنظيمي.

تواجه الدولة تحديات كبيرة في التمويل إذ من المتوقع تجاوز الميزانيات الأصلية بنسبة قد تصل إلى 45%، مما يتطلب تعميق الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتخفيف الضغوط المالية وتحقيق استدامة المشروع، في ظل ظروف اقتصادية دولية صعبة وارتفاع أسعار الفائدة.

يبقى التساؤل الأكبر حول قدرة المغرب على الحفاظ على الزخم الاقتصادي والاجتماعي الذي يولده هذا الإنفاق الضخم بعد عام 2030، خصوصًا مع التحولات المتوقعة في سوق العمل والتطور التقني الذي قد يقلل من الحاجة لليد العاملة بشكل مكثف في المستقبل القريب.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى