العالم العربي

شباب الإنترنت يصنعون مفاجأة سياسية في نيويورك: زهران ممداني يطيح بكومو وينافس آدامز على منصب العمدة

أعلن العمدة الحالي إريك آدامز، الخميس، إطلاق حملته المستقلة لإعادة انتخابه بعد انسحابه من الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، إثر اتهامه في قضية فساد قبل أن يتم إسقاط القضية لاحقاً. في خطوة جريئة، يواجه آدامز تحدياً غير مسبوق من المرشح التقدمي الشاب زهران ممداني، الذي حصد فوزاً صادماً في الانتخابات التمهيدية متقدماً على الحاكم السابق أندرو كومو، ويقترب من أن يصبح أول عمدة مسلم للمدينة الأكبر في الولايات المتحدة.

شهدت ساحة بلدية نيويورك لحظة فارقة، حيث استعرض آدامز، البالغ من العمر 64 عاماً، تاريخه في الدفاع عن الطبقة العاملة والأمن العام، موجهاً انتقادات لاذعة لمنافسه ممداني الذي وصفه بأنه “مرشح ولد وفي فمه ملعقة من فضة”، معتبراً خبرته السياسية غير كافية لمواجهة تحديات المدينة المتعاظمة. وقال آدامز خلال كلمته أمام مؤيديه: “هذه الانتخابات ستكون خياراً بين مرشح يرتدي الياقة الزرقاء ومرشح وُلد بملعقة فضية. لست مهتماً بالشعارات، أنا مهتم بالحلول”.

صعود زهران ممداني البالغ من العمر 33 عاماً كان أشبه بظاهرة سياسية جديدة، حيث تحوّل من شخصية مجهولة إلى نجم الحملة الديمقراطية، مدعوماً بحملات ديناميكية على منصات التواصل الاجتماعي وبتأييد الشباب والعائلات المهاجرة، خاصة المسلمين وسكان الأحياء المتوسطة والفقيرة. أدار ممداني حملة نشطة تركز على أزمة تكاليف المعيشة المرتفعة، مخاطباً جموع الناخبين بلغاتهم المختلفة وعبر تطبيقات مثل “تيك توك” و”إنستغرام”. وقالت زارا رحيم، كبيرة مستشاري حملته: “كانت لقاءاتنا الميدانية مكثفة وموجهة للأحياء التي لطالما تجاهلتها الحملات التقليدية، وأظهر ممداني اهتماماً حقيقياً بكل فئات المدينة”.

التحول الكاسح في دعم الجاليات المسلمة وسكان الأحياء المهمشة كان واضحاً في الانتخابات التمهيدية، حيث أدلى آلاف الشباب بأصواتهم لممداني، بل حشدوا أسرهم وأصدقاءهم لدعمه. تقول بلقيس أختر، إحدى الداعمات الجدد له بعدما أقنعها أبناؤها: “هذا الشاب عبقري وودود للغاية… لقد رأينا تغييراً حقيقياً بفضله”. وشهد الحي المعروف بـ”فلسطين الصغيرة” في بروكلين أجواء فرح بين الشباب والعائلات التي ترى في ممداني ممثلاً لتطلعاتها اليومية.

ورغم صعود ممداني، لا تزال حملته تواجه تحديات، من بينها قلة الخبرة التنفيذية والانتقادات بشأن مواقفه من الشرطة. ويواصل آدامز استقطاب مؤيدي التيار المعتدل والدوائر الاقتصادية مستخدماً شعار “روح نيويورك”، مركزاً على خبرته الطويلة كضابط شرطة سابق ورئيس بلدية بروكلين سابقاً.

ورغم الهتافات المعارضة التي قاطعت إطلاق حملة آدامز، حضر فعالية دعمه عدد من الزعماء الدينيين ومسؤولين سابقين، فيما يبقى التساؤل قائماً حول ما إذا كان المرشح المستقل قادراً على استعادة شعبيته المتراجعة في وجه الموجة الرقمية الديمقراطية التي يقودها ممداني. ويزيد المشهد تعقيداً قرار أندرو كومو بدراسة الترشح كمستقل، ما ينبئ بصيف انتخابي ملتهب.

وقال ممداني في بيان عقب تقدمه غير المتوقع: “أهل نيويورك اختنقوا بأزمة تكاليف المعيشة، وهذا العمدة استغل تقريباً كل فرصة لتفاقمها، بينما يعقد تحالفاً مع دونالد ترمب لتدمير مدينتنا”. فيما أشار أنيل داش، رائد أعمال تقني ومستشار استراتيجي سابق بالبيت الأبيض: “منشورات ممداني عبر الإنترنت مباشرة وبسيطة، بعيدة عن الميمات والشعارات، وهذا ما أعطاه ثقة الناخبين من مختلف الأجيال”.

من جانبه، أكد الطبيب الفلسطيني حبيب جودة، أحد سكان بروكلين: “الجميع سعداء، ليس لأنه مسلم، بل لأن هناك تغييراً حقيقياً يحدث”، بينما شددت المساهمة البنغالية ساندرا باكوس على اختلاف الآراء بقولها: “مستحيل أن أصوت لهذا الرجل.. إنه اشتراكي، ولديه أفكار مجنونة للغاية”.

وفي وقت ينتظر فيه مليون مسلم وأبناء الطبقة العاملة بفارغ الصبر إعلان النتائج النهائية، يتجه السباق نحو منصب عمدة نيويورك ليكون معركة بين الأجيال وصوت التغيير، معتمداً في معظمه على قوة الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي غير التقليدية في إعادة تشكيل الخريطة السياسية للمدينة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى