آدم مهدي لـ”أخبار الغد”: خلافات داخل معسكر الجيش السوداني.. و«القوات المشتركة» تتمسك بمكتسباتها الوزارية

كشف الخبير في الشؤون السودانية، الدكتور آدم مهدي، في تصريحات خاصة لـ”أخبار الغد”، عن تصاعد الخلافات داخل المعسكر المؤيد للجيش السوداني، بعد تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء دون التشاور مع الحركات المسلحة المنضوية تحت مظلة «القوات المشتركة».
وأوضح مهدي أن الأزمة، التي ظلت لوقت طويل قيد الكتمان في بورتسودان، خرجت إلى العلن عقب قرارات إدريس بحل الحكومة الانتقالية وتكليف وكلاء الوزارات بتسيير الأعمال، ما شمل وزراء من حركات السلام الموقعة على اتفاق جوبا لعام 2020، الأمر الذي قوبل بتحفظ من «القوات المشتركة».
وأشار مهدي إلى أن الخلاف تزايد مع إعلان إدريس نيته تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبية، ما يعني مراجعة نسب التمثيل داخل السلطة التنفيذية، وهو ما ترفضه القوى المشاركة بموجب اتفاق جوبا، والذي نصّ على تمثيل الحركات بثلاثة أعضاء في مجلس السيادة، وخمس وزارات، و75 مقعدًا في المجلس التشريعي.
وبحسب مهدي، فإن الحركات الموقعة على اتفاق السلام كانت قد التزمت الحياد بداية الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أبريل 2023، قبل أن تعلن انحيازها لاحقًا للجيش وتشارك في العمليات العسكرية، وهو ما اعتبر تعزيزًا لمكانتها ضمن منظومة الحكم.
لكن دخول أطراف جديدة إلى المشهد العسكري، مثل «درع الشمال» وكتائب محسوبة على تيارات إسلامية، دفع بعضها للمطالبة بنصيب في السلطة، وهو ما وضع ضغوطًا إضافية على الحركات المسلحة القديمة ضمن «القوات المشتركة».
وأكد مهدي أن الحملات الإعلامية المتبادلة بين الأطراف ساهمت في توتير الأجواء، خاصة بعد تداول تقارير إعلامية تزعم انسحاب بعض فصائل «القوات المشتركة» من مواقع القتال، احتجاجًا على إقصائها من مشاورات الحكومة الجديدة.
وأضاف أن تلك الفصائل ترى أن مكتسباتها السياسية والوزارية تمثل حقًا أصيلًا كفلته اتفاقية السلام، وأن التخلي عنها دون توافق قد يدفع بعض الأطراف إلى مواقف أكثر حدة، بما فيها التفكير في خيارات أخرى.
وقال مهدي: “هناك قراءة سياسية تُصور تمسك الحركات بمناصبها كابتزاز، لكن الواقع أكثر تعقيدًا، ويتعلق بتوازنات اتفاق السلام الذي يمثل شراكة وليس منحة”. وأضاف: “أي مسعى لتقليص هذا التمثيل دون توافق شامل يُعد تهديدًا لمسار الاستقرار”.
ولفت إلى أن مشاورات تجري خلف الكواليس لاحتواء الخلاف، مرجحًا أن تشمل تسويات جزئية تبقي على وزارات سيادية مثل المالية والتعدين ضمن حصة الحركات المسلحة، ما قد يشكل تحديًا لرؤية رئيس الوزراء الجديد بتشكيل حكومة مستقلة.
وختم مهدي بأن استمرار التباين داخل مكونات التحالف الداعم للجيش قد يؤثر على تماسكه، داعيًا إلى تغليب منطق التوافق وتجنب الإقصاء في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان.