مكتبات بلا حياة.. هدر أموال الثقافة على مبانٍ بلا خدمات أو كتب جديدة

لا شيء أكثر فداحة من أن تتحول مؤسسات الثقافة الرسمية إلى أوكار للفساد الإداري والتخريب المتعمد ولا مشهد أشد قسوة من أن تتحول قلاع التنوير إلى أطلال مهجورة ينهشها الإهمال وتغرقها الفوضى وتحكمها شبكات منتفعة لا ترى في الثقافة سوى بند ميزانية ينهب ويُقسم خلف الأبواب المغلقة تحت سمع وبصر الجميع فحين تموت الكلمة وتصمت الكتب وتُغتال المعرفة داخل مؤسسات يفترض أنها حامية الوعي وسدّ الدفاع الأول ضد الجهل يصبح الصمت جريمة والتستر خيانة
من المستفيد من هدر المال العام والتخريب المتعمد داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة
الهيئة العامة لقصور الثقافة لم تعد تمارس دورها بل تمارس سقوطها المدوي بلا مقاومة ولا خجل لم تعد منارة للوعي ولا جسرا نحو المستقبل بل أصبحت مرتعا للفشل المزمن وبيئة خصبة للفساد المنظم تحولت فيها الميزانيات الضخمة إلى وقود لنار الإهمال ووقائع التستر ولم يعد المال العام مجرد ضحية بل بات نهبا مشرعا لمجموعة منتفعة تتقاسم الغنائم وسط ركام الكتب الممزقة والمكتبات المغلقة وأرفف خاوية تسخر من كل شعارات الثقافة التي رفعت يوما
إنها جريمة مستمرة لا تُرتكب في الخفاء بل تمارس على المكشوف وتُغلف بورق رسمي وشعارات رنانة فيما تنهار المكتبات وتحترق المراكز الثقافية من الداخل ويُقصى الشباب ويُطرد الوعي وتُفتح الأبواب أمام العتمة
نحن أمام مؤسسة تنهار وفساد ينهش وجريمة تكتمل فصولها يوما بعد يوم والمشهد بأكمله يصرخ بسؤال واحد من المستفيد مما يحدث الآن في هيئة قصور الثقافة
ميزانيات بالملايين ومكتبات خاوية على عروشها
أكدت وقائع متتالية أن الهيئة العامة لقصور الثقافة باتت نموذجا صريحا لفساد هيكلي ممتد ومتجذر لا ينتهي عند مستوى معين ولا يتوقف عند مسؤول بعينه بل يضرب في عمق مؤسسي شامل حيث تكشف المعلومات الواردة أن ما يقرب من 73٪ من المكتبات العامة التابعة للهيئة تعاني من الإهمال الكامل وغياب الصيانة وافتقارها لأي خطط تطوير حقيقية رغم استمرار تدفق الاعتمادات المالية بصورة سنوية دون توقف الأمر الذي يطرح حقيقة واحدة فقط وهي أن المال العام يهدر بانتظام لصالح منظومة فاسدة تعرف من أين تؤكل الكتف وتدير ملفاتها بمعزل عن أي رقابة أو شفافية
مشروعات وهمية وتستر كامل على إهدار موارد الدولة
أوضحت الوقائع المتتالية أن عددا من الفروع الكبرى لقصور الثقافة تحولت إلى مبانٍ شاغرة بلا روح ولا خدمة بل وأصبحت عبئا على المحيط السكاني لا تقدم أي نوع من الدعم المعرفي أو الثقافي الذي يفترض أن يكون أساس وجودها فيما تؤكد البيانات الواردة أن بعض هذه المباني لا تقدم أي نشاط فعلي للمواطنين في الوقت الذي يتم فيه صرف نفقات تشغيلية ضخمة لا يعلم أحد إلى أين تذهب وكيف يتم توظيفها بينما يعيش المواطن في محيط هذه المقرات عزلة ثقافية كاملة
كتب منذ عقود ومكتبات تحولت لمخازن
لفتت المتابعات الميدانية إلى أن بعض المكتبات لم تشهد تحديثا حقيقيا منذ أكثر من خمس سنوات وأن عددا منها لم يشترِ كتابا جديدا واحدا طوال هذه الفترة الطويلة بل إن أرفف هذه المكتبات لا تزال تحتضن كتبا تعود لعقود ماضية دون أي تجديد أو إثراء معرفي كما أن بعض الفروع لم تعد تصلح حتى لاستضافة طلاب المدارس أو الباحثين الصغار وقد تحولت في كثير من الحالات إلى أماكن مهجورة أو مخازن غير رسمية أو حتى نقاط تجمع عشوائية لعناصر بعيدة تماما عن الهدف الثقافي المرجو
فضيحة مستمرة وإصرار رسمي على الإنكار والتجاهل
أبرزت المستندات الرسمية أن هناك ميزانية مخصصة للمكتبات يتم تخصيصها سنويا تحت بند الدعم الثقافي والتطوير إلا أن هذه الميزانية تُصرف في بنود أخرى بعيدة تماما عن أي تطوير حقيقي حيث يتم التلاعب بالمخصصات وصرفها في مشروعات غير ملموسة كما يتم التستر على هذا الانحراف المالي دون تدخل حقيقي من الوزارة الأم أو الأجهزة الرقابية المعنية والتي تكتفي بالمشاهدة عن بعد دون أن تتخذ خطوة واحدة تجاه إيقاف هذا النزيف المالي المتكرر
الأرقام لا تكذب 73٪ من المكتبات في حالة انهيار و81٪ من الشباب خارج الخدمة الثقافية
أشارت المتابعات الموثقة إلى أن 73٪ من المكتبات التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة تعاني من إهمال شامل وغياب للخطط كما أن نحو 81٪ من الشباب الذين شملهم استطلاع داخلي أكدوا أنهم لا يشعرون بأي استفادة من المكتبات الحكومية ويفضلون الاعتماد على المصادر الإلكترونية أو شراء الكتب على نفقتهم الخاصة رغم الغلاء المتصاعد في أسعارها وهذا يؤكد أن المنظومة فشلت فشلا ذريعا في أداء دورها وأن الأجيال الجديدة باتت تنظر لهذه المؤسسات كأطلال لا قيمة لها
تستر واضح وتجاهل متعمد لطلبات الرقابة البرلمانية
أوضحت الوقائع أن أحد النواب تقدم بطلب إحاطة رسمي حول هذا الملف ولم يتلقَ أي رد حتى اللحظة كما أن وزارة الثقافة نفت علمها بأي حالات هدر مؤكدة رغم الأدلة المتكررة التي تظهر بوضوح حجم الانهيار والفوضى في إدارة ملف المكتبات ما يؤكد وجود نية مبيتة للتستر والتغاضي وعدم كشف المتورطين وترك الأمور تسير على حالها في حلقة مفرغة من الإهمال والفساد
صور مأساوية وحالة غضب على مواقع التواصل
استعرضت صفحات التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية صورا فاضحة ومؤلمة لعدد من المكتبات التابعة للهيئة وقد بدت في حالة كارثية من الإهمال القاتل حيث ظهرت الأرائك مكسرة والنوافذ محطمة والرفوف خاوية تماما والطرقات مغطاة بالتراب دون أي أثر لأي نشاط ثقافي يليق باسم مؤسسة يفترض أن تحمل مشعل الوعي وتنير الطريق للأجيال الجديدة
مشروعات تطوير وهمية وتأخير متعمد في التنفيذ
أكدت تصريحات رسمية أن هناك تعاقدا مع جهة جديدة لإدارة مشروع تطوير شامل للفروع والمكتبات إلا أن التنفيذ يشهد تأخيرا متعمدا وغير مبرر في خطواته الفعلية ما يفتح بابا واسعا للتكهنات حول وجود تعمد في تعطيل التطوير وإبقاء الوضع على ما هو عليه لضمان استمرار منظومة الفساد التي تتغذى على فشل المؤسسات
الأموال تتبخر وشبكة ثقافية حديثة كان يمكن أن ترى النور
لفتت المتابعات إلى أن المبالغ التي تم إنفاقها عبر السنوات الأخيرة في هذا الملف كانت كفيلة بإنشاء شبكة ثقافية حديثة تليق بعقول الشباب وتساعد على بناء جيل مثقف منخرط في قضايا وطنه بدلا من التهميش المعرفي الذي يسود الآن لكن هذا لم يحدث لأن المال تبخر في مشاريع بلا أثر وميزانيات اختفت في جيوب الفاسدين
نهر الفساد يرتبط بتنقيب الآثار داخل قصر ثقافة طفل الأقصر
ربطت المتابعات بين ما يحدث داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة وبين فضيحة تنقيب الآثار التي وقعت مؤخرا في قصر ثقافة طفل الأقصر والتي تمثل دليلا دامغا على أن العبث بلغ ذروته وأن بعض المسؤولين داخل الهيئة لم يكتفوا بتخريب البنية الثقافية والفكرية بل ذهبوا أبعد من ذلك إلى استخدام المؤسسات الرسمية كغطاء لممارسات إجرامية لا تمت بأي صلة للثقافة أو الوعي العام حيث تحولت قاعات ثقافية إلى مواقع لتنقيب وبيع التاريخ لحساب أفراد لا يهمهم إلا المكاسب الشخصية ولو كانت على أنقاض هوية وطن
الانتماء ينهار والثقافة تُغتال بصمت الدولة
أكدت المشاهد اليومية أن ما يحدث من تدمير متعمد لهذه المؤسسات الثقافية يقتل كل شعور بالانتماء ويدفع الأجيال الجديدة بعيدا عن القراءة والمعرفة إذ لا يجد المواطن أي ملمح يشير إلى وجود دعم ثقافي حقيقي بينما يتم إنفاق ملايين الجنيهات سنويا دون أي أثر ملموس على الأرض في ظل غياب تام للمحاسبة وسكوت مطبق من كل الجهات المعنية
فضيحة تتوسع وصمت غير مبرر من الدولة
أثبتت الحقائق أن ما يجري داخل الهيئة العامة لقصور الثقافة ليس مجرد فساد إداري بل هو نموذج واضح وممتد لتخريب ممنهج وإهدار متواصل للمال العام في ظل صمت مطبق من الجهات المسؤولة الأمر الذي يجعلنا نعيد طرح سؤال بالغ الخطورة من المستفيد مما يحدث الآن في هيئة قصور الثقافة
هذا السؤال لا يجب أن يبقى بلا إجابة لأن ما يحدث هناك ليس مجرد تراجع في الأداء أو بطء في التطوير بل هو جريمة مستمرة ضد الوعي الوطني وخيانة كاملة لمسؤولية إدارة مؤسسة كان يفترض أن تكون منارة وعي فإذا بها تتحول إلى مستنقع فساد لا يعرف التوقف
الهيئة العامة لقصور الثقافة لم تعد مجرد مؤسسة رسمية بل تحولت إلى نموذج فج لانهيار إداري وأخلاقي تتشارك فيه أطراف متعددة من داخل المنظومة ومن الجهات المتواطئة بالصمت والتجاهل وعليه فإن بقاء الوضع على ما هو عليه يمثل كارثة وطنية بكل المقاييس وما لم يتم فتح تحقيق شامل ومعلن تتبعه إجراءات تطهير صارمة فإن نهر الفساد سيظل متدفقا يلتهم الوعي ويغتال الثقافة ويهدر الملايين بلا خجل أو حساب