العالم العربي

المشهد السياسي والأمني معقد بسبب تضارب طموحات نتنياهو ومناورات حماس

تتزايد التساؤلات حول قدرة رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الموازنة بين طموحاته السياسية الداخلية ورغبته الظاهرة في إنهاء الحرب، دون أن يفقد صورته كـ”منتصر” أمام جمهوره. في الوقت نفسه، تواجه حركة “حماس” تحدي المناورة في المفاوضات دون الوقوع في فخ الشروط الإسرائيلية، في ظل تحولات المزاج الشعبي الإسرائيلي والخسائر البشرية المتزايدة.

يُضيء خبراء ومحللون على هذا المشهد السياسي والأمني المعقد، مشيرين إلى أن الوضع الراهن يفرض تحديات كبيرة على جميع الأطراف المعنية. ويرون أن المفارقات المتزايدة بين الأهداف المعلنة والواقع على الأرض تعكس أزمة حقيقية في كيفية التعامل مع الصراع.

يقول الباحث في مركز “الزيتونة” للدراسات (مستقل مقره بيروت) وائل سعد: “التحول في المجتمع الإسرائيلي هو الذي أوصل مثل هذه الحكومة المتطرفة جدًا إلى السلطة، لذا فإن المتطرف الصهيوني بنيامين نتنياهو يعمل على تلبية رغبات هذا المجتمع المتعطش للدم، وهو ما يعني استمرار الحرب”.

وأشار سعد إلى أنه “طالما أن استمرار الحرب يجنب نتنياهو المحاكمة ويحافظ على مكاسبه السياسيّة، فإنه لن يسعى جديًا إلى وقفها، لذلك فإن مسألة رغبته في إنهاء الحرب تبقى موضع شك، خاصة في ظل استمرار المقاومة الفلسطينية بتوجيه ضربات مؤلمة للجيش الصهيوني”.

ونوّه إلى أن هذه الحرب أظهرت انقسامًا واضحًا في المجتمع الإسرائيلي، “لكن حتى اللحظة، يميل المزاج الغالب في المجتمع الصهيوني إلى استمرار شلال الدم. والمراقب لوسائل التواصل الاجتماعي العبرية يرى حجم التعطش للدم”.

وأكد سعد أنه “لو تمكنت القوى المجتمعية الإسرائيلية الداعية إلى إنهاء الحرب من حشد شعبي كبير ومستمر، لتمكنت من الضغط على الحكومة لإيقاف الحرب وإنجاز صفقة تُفضي إلى وقفها، لكن العنصرية الصهيونية لا تزال مستحكمة في غالبية المجتمع الصهيوني المؤيد لحرب الإبادة”.

وحول أداء المقاومة الفلسطينية، أشار سعد إلى أن “من الواضح أن المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، قد اكتسبت خبرات كبيرة في إدارة المفاوضات، وهي لا تتوانى عن تقديم أي تنازل مقبول للمجتمع الفلسطيني عامة، وللغزيين خاصة، دون المساس بالثوابت الوطنية الفلسطينية”. وأضاف: “ليس خفيًا حجم الرضى الفلسطيني عن أداء المقاومة، سواء في ساحة القتال أو في إدارة المفاوضات”.

بدوره، رأى المحلل السياسي مصعب منصور أن نتنياهو يحاول كسب الوقت وتأجيل الحسم، قائلًا: “يعيش نتنياهو معضلة حقيقية بين رغبته في الحفاظ على صورته السياسية، وبين واقع ميداني لم يُنتج نصرًا حاسمًا حتى الآن”.

وأشار منصور إلى أن “استمرار الحرب لم يعد مرتبطًا فقط بالردع أو بالأهداف الأمنية، بل أصبح أيضًا مرتبطًا بمصير شخصي لرئيس الوزراء، الذي يعلم أن توقف القتال قد يعني انكشافه أمام القضاء والرأي العام”.

وأضاف: “الضغط الشعبي داخل إسرائيل قد يبدو في لحظات معيّنة عاملًا دافعًا للتهدئة، لكنه في المجمل لا يزال يُعبّر عن نزعة انتقامية تسعى لتصعيد أكبر، حتى ولو كان ذلك على حساب الجنود والعائلات الإسرائيلية”.

ونوّه منصور إلى أن “حماس تناور سياسيًا بحذر، وهي تدرك خطورة الوقوع في فخ الشروط الإسرائيلية، ولذلك تُبقي أوراقها التفاوضية محكومة برؤية واضحة تستند إلى الثوابت والحقوق، دون أن تتجاهل ثقل الكلفة الإنسانية والمعيشية التي يتحملها قطاع غزة”.

وختم بالقول: “هذه الجولة من الحرب ليست كسابقاتها، فالمقاومة طوّرت أدواتها، والرأي العام العالمي تغيّر، لكن على الطرفين أن يُدركا أن الحرب مهما طالت، فإن نهايتها ستُكتب على طاولة التفاوض، لا في ساحات الدم فقط”.

يُشار إلى أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أعلنت أمس الجمعة، إكمال مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل والقوى الفلسطينية حول مقترح الوسطاء الأخير لوقف العدوان على شعبنا في غزة.

وقالت الحركة في بيان، إنها سلّمت الرد للإخوة الوسطاء، والذي اتسم بالإيجابية، وإنها جاهزة بكل جدية للدخول فورًا في جولة مفاوضات حول آلية تنفيذ هذا الإطار.

وتواصل قوات الاحتلال، وبدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى