إثيوبيا تواصل استعراض قوتها وتهميش الحقوق المائية لمصر والسودان في أزمة سد النهضة

في خطوة تصعيدية جديدة، أعلن رئيس وزراء إثيوبيا عن قرب افتتاح سد النهضة بعد شهرين، ما أثار ردود فعل غاضبة من الحكومة المصرية التي وصفت هذه الخطوة بأنها “أحادية غير شرعية” وتنتهك أبسط مبادئ القانون الدولي.
وصرح وزير الري المصري بأن هذا الإعلان يأتي ضمن مسلسل طويل من الإجراءات الأحادية التي تتجاهل حقوق مصر المائية، ويعتبر اعتداءً على حصتها المائية في نهر النيل.
على مدار السنوات الماضية، سعت إثيوبيا وراء تنفيذ مشروع السد الذي أصبح محورًا للجدل الدولي والإقليمي.
ورغم التحذيرات المصرية المتواصلة والتهديدات الدبلوماسية التي سعت لتدويل القضية عبر مجلس الأمن الدولي، فشلت القاهرة في الحصول على الدعم الكافي لوقف المشروع الإثيوبي.
ورغم التصعيد الذي مارسته مصر على كافة الأصعدة، من لمجلس الأمن إلى تهديدات بالتحرك العسكري، واصلت إثيوبيا تنفيذ أعمال البناء في السد، معتبرة إياه مشروعًا تنمويًا يخدم مصالحها الوطنية.
في المقابل، فضلت إثيوبيا تدويل القضية على المستوى الإقليمي بدلًا من التصعيد الدولي، نجحت في تحييد مصر عن محيطها الأفريقي، من خلال تشكيل جبهة تأييد لإتمام المشروع من قبل دول حوض النيل، وهو ما كان له أثر بالغ في إضعاف الموقف المصري، خاصة بعد زيارة وزراء المياه من دول الحوض لسد النهضة في فبراير 2025.
هذه الزيارة، التي وصفها المسؤولون المصريون بأنها “تجاهل للحقوق المصرية والسودانية”، كانت بمثابة إشارة رسمية من قبل إثيوبيا إلى أن مواقف مصر أصبحت هامشية.
أكدت المصادر أن مصر فقدت العديد من أوراق قوتها في هذه الأزمة،أولًا، فقدت القاهرة الورقة الأهم التي كانت تمتلكها منذ اتفاقات 1929 و1959، وهي “الفيتو المائي” الذي كان يمكنها من فرض سيطرتها على مجريات الأمور المتعلقة بنهر النيل.
ثانيًا، خسرت مصر قدرة المبادرة في إدارة المفاوضات المتعلقة بالمشروع، حيث أصبح القرار بيد إثيوبيا التي أظهرت القدرة على تجاوز أي ضغوط دولية أو إقليمية.
أما بالنسبة للزعم بأن مصر ستتمكن من تدارك الموقف، فإن الواقع يشير إلى أن الوضع بات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
فإثيوبيا، التي أصبحت الآن صاحبة القرار الميداني والفني في القضية، تعمل على إكمال السد بينما تتجاهل بشكل متعمد اعتراضات دول المصب.
هذه السياسة الاستفزازية قد تفتح الباب لمزيد من التصعيد على الصعيدين الإقليمي والدولي، في وقت كانت فيه مصر تحاول حماية حقوقها المائية التاريخية، لكن دون جدوى.