مشروع حكومي جديد لتوزيع الأكل يعيد مشهد التكية بأسماء مختلفة

أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي مايا مرسي بدء تحركات رسمية لإحياء ما يسمى بالتكية الإسلامية، بحجة تقديم وجبات للفئات الأكثر احتياجًا، في مشهد يفتح أبواب التساؤل والجدل حول طبيعة الفكرة وتوقيتها، خاصة وسط الأزمات الاقتصادية المتلاحقة. وأوضحت الوزيرة أن المشروع يجري بالتعاون مع جهات حكومية متعددة، إلى جانب كيانات أهلية كبرى، دون الإشارة لأي تفاصيل دقيقة بشأن التمويل، أو آليات الرقابة، أو حتى طريقة تنفيذ هذه المبادرة
أكدت الوزيرة أن الفكرة تأتي في إطار ما وصفته بـ”المبادرة الاجتماعية والإنسانية”، وهو التوصيف الذي اعتبره كثيرون محاولة لتجميل صورة مشروع يعيد للأذهان مشاهد التكية القديمة، لكن بإخراج جديد وبمسميات عصرية، لا تختلف كثيرًا في جوهرها عن مفاهيم الصدقات والطوابير، التي تسعى الدول إلى تجاوزها لا تثبيتها.
أشارت الوزيرة إلى أن المشروع يعتمد على تقديم الطعام بشكل منتظم للفئات الأولى بالرعاية، مستهدفة بذلك الأسر الفقيرة والمحتاجة، وكأن الدولة بعد كل هذا الإنفاق والبرامج والموازنات، لم تجد إلا أن تعود إلى مفهوم “المأكولات المجانية” لتخفيف آثار الانهيار المعيشي الذي يعيشه المواطن يومًا بعد يوم. ونوهت إلى أن عدة وزارات – لم تُسمّها – ومؤسسات مجتمع مدني كبرى ستدخل على خط التنفيذ، في مشهد يبدو أنه مرسوم بعناية ليبدو خيريًا، بينما هو في حقيقته محاولة لتسكين الأوجاع لا علاجها.
استدرك بعض المراقبين بأن إعادة إحياء التكية بهذا الشكل لا يحمل في طيّاته مشروعًا تنمويًا حقيقيًا، بل هو امتداد لسياسات المسكنات التي تحوّل الفقر إلى عادة، وتكرّس منطق العيش على الفُتات، بدلاً من تمكين الأسر اقتصاديًا بشكل مستدام. وتساءلوا عن دور الدولة في معالجة الجذور بدل الاكتفاء بتوزيع الطعام.
زعم مطلعون أن هذا النوع من المشروعات غالبًا ما يكون بوابة لتلميع صور مؤسسات ومبادرات، دون أثر ملموس يُذكر على الأرض، خاصة في ظل غياب الشفافية حول التمويلات والرقابة. وأجاب آخرون بأن الشعب لا يريد وجبات ساخنة بقدر ما يريد دولة تقف على قدميها بعد سنوات من التخبط.
أردف مراقبون أن عودة مفاهيم مثل التكية هو بمثابة اعتراف ضمني بانهيار أدوات العدالة الاجتماعية وفشل برامج الحماية، متسائلين: هل أصبحت التكية حلًا بعد كل ما وُعد به المواطن من إصلاح اقتصادي وتنمية؟