
لا شىء في يوميات المواطن العربي يَسُر وهو ينظر عن يمينه، ولا شىء يدعوه للتفائل إذا ما أدار نظره ناحية اليسار، أو إذا حرك رأسه في منطقته الموعودة الواقعة بين المحيط والخليج!،، تلك البقعة الموبوءة بالفشل بعد النجاح، والإنكسار بعد الرفعة، والجزر بعد المد، ثم صار الإحباط والإكتئاب وجميع الأمراض النفسية متلازمة من متلازمات الوراثة للأجيال المتعاقبة في الحيز الجغرافي سالف الذكر!..
لا عليك أيها العربي! فهذا حال لا ذنب لك فيه، ربما قدرُنا أننا جئنا في زمان ضُيعت فيه الأمانة واعتلى سدة الأمر في بلادنا وأوطاننا من ليس له أهل، فحاول ترفقاً بنفسك أن تُحَوّل وجهك عن كل ما يعكر صفوك، وأن لا تبحث عن اعتدال مزاجك وصفو بالك من متابعتك لحال أمتك، تلك الأمة التي باتت مهمة قادتها ووظيفة زعمائها وشغل أمراءها هو الفوز برضا صاحب البيت الأبيض، والسعي لاتقاء غضبه والحيلولة دون سخطه، والحرص على الإمساك بزيله تجنباً للتيه بعيداً عن حاضنته!..
حتى من ظنناهم يأنفون الذل والهوان-هكذا ظننا- وإنّ بعض الظن إثم!، انكشفوا وظهرت عوراتهم وبانت سوءاتهم وفضحت سريرتهم وعادوا أدراجهم كما كنت!، رغم الخُطب العصماء التي شَنَّفُوا بها آذاننا وأطربوا بها أسماعنا!،
وظهروا على حقيقتهم أن مرادهم هو إعادة امبراطوريتهم الفارسية والساسانية المدفونة في باطن التاريخ تحت قدمي الخليفة الراشد”عمر بن الخطاب” رضي الله عنه، بعدما أهال عليها التراب غير مأسوفاً عليها!
فما المَخرج إزاء تلك المعطيات المُترعة بالإحباط والإكتئاب؟! وما السبيل إلى الراحة المنشودة هروباً من واقعنا الأليم، واتقاءاً لتدهور حالة المساكين من الأجيال التي شاء الله أن تنبت في هذه الأرض التي كانت طيبة! حينما وطأتها أقدام الصالحين من القادة والزعماء والمجاهدين؟! هذه الأجيال التي قتلتها حقيقة ما يجري على الأرض، لا مخرج لها ولا سبيل مما أصابها سوى ترياق الأرواح، وبلسم الجراح، ومزيل الهموم ذلك الذي نسارع صوبه كلما إزدادت الألام وإدلهمت الخطوب وانكسرت الرايات والبيارق..
دور المقاومة في معالجة الصحة النفسية للأجيال!
هي المقاومة إذا برجالها ونساءها، بشيوخها وصبيانها، قد أصبحت بسيرتها وبطولاتها وتضحياتها ملاذاً للمعذبين من ثقل الهموم التي تداعت علي شعوبنا العربية التي تشاهد ثرواتها ومقدراتها تحت أقدام السيد الغربي يأخذ منها ما تطيب نفسه حتى يرضى!،
وهم يشاهدون اختلال ميزان العدل الأممي تجاه اخوانهم وجيرانهم وأصهارهم من أهل غزة في نفس الوقت الذي تتسابق فيه الدول والحكومات من أجل تدليل أخس أمة عرفها التاريخ الإنساني(اليهود)..
هي المقاومة إذا تلك التي لا تحرس العائلات المالكة وأولياء العهد كما تفعل تشكيلات الحرس الملكي والأميري والوطني في بلادنا، أو تموت فداءاً لأصحاب السمو والفخامة، فيسارعون حول الموعود بالتدليل المموج مدججين بأحدث الأسلحة الفتاكة، ومُجهزين بأدق أجهزة الإتصال والإستشعار، فيحيطونه كالبهلونات والمُهرّجين خوفاً عليه من الهواء العليل!.
هي المقاومة إذا تلك التي تصفع بيدها المتخاذلين والخانعين بل والمتماهين في الذل والهوان والمُسخّرين لبلادهم وجيوشهم وأجهزتهم من أجل أمن عوائلهم ليبقى ظلهم مهما كانت الأثمان المدفوعة، حتى لو ضيعت الكرامة واحتلت المقدسات وانكشفت السوءات وبانت العورات، لا يشغل بالهم ولا يزعجهم أو يحرك ساكنا في مضاجعهم الهانئة وفرشهم الوثيرة طالما بقوا وبقيت أسرهم الحاكمة تحيط بهم رهناً لإشارتهم الأجهزة والمؤسسات الخادمة، ممن تدين بالولاء لسيدها وولي نعمتها ولو كان شيطاناً رجيماَ!
هي المقاومة إذا تقف وحدها في مواجهة الصهاينة من حكام أوروبا وأمريكا وأجهزتهم الإستخباراتية تحت العلم الإسرائيلي، وعليها أن تدفع الأثمان من دماء أبناءها وصرخات نساءها وبكاء أطفالها، فمن حركهم من أجل القدس؟! فللبيت رب يحميه! وما يحتاجه البيت عند العرب يحرم على المسجد!،
ومن حركهم من أجل أسراهم في سجون الإحتلال من الرجال والنساء فهم في كنف الدولة الديمقراطية التي تعاملهم بإنسانية لا يحلمون بها ولا يعاملون بها في بلادهم!، ولتتحمل المقاومة الثمن في تعطيل التطبيع بين حكوماتنا العربية وبين أبناء العم الطيبين!.
أرأيتم كيف جنت المقاومة على حكامنا ممن جنحوا للسلم والتطبيع والمهادنة والتبادل الإقتصادي والسياحي، والصلاة في المجمع الإبراهيمي حيث المسجد والكنيسة والكنيس جنباً إلى جنب! فلا تمايز بين الديانات (الماسونية)! وفي نفس الوقت تنتدبهم وتريدهم في معارك لا يعرفونها ولم يتربوا عليها، معارك الكرامة، وتحرير المقدسات وطرد الإحتلال..
هل عرفتم لماذا اجتمع صهاينة الأرض جميعا من عرب وعجم من حكومات وجيوش وشيوخ ضالين مضلين يريدون استئصال شأفة المقاومة ويتلذذون بتعذيب شعبها من الجوع ؟! ويكأنهم في شِعب أبي طالب؟!
ذلك الذي فرضه مشركوا قريش حينها، وتفرضه البشرية الظالمة حاليا في تواطىء أقرب إلى المشاركة من جموع الأمة!، الجواب واضح تماما لأنها أحيت موات أمة مات ضميرها -أرادوا عدم افاقتها!-
ثم ما لبثت أن دبت فيها الحياة وعاد لها الإحساس بالرجولة والكرامة وعرف أبناؤها معنى الراحة النفسية في زخم التعب والنصب والشقاء الذي تعانيه البشرية.