مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: حماس وملحمة الصمود ضد الطغيان الصهيوني والاستكبار العالمي

إنه وبرغم آلة الحرب الوحشية الصهيونية التى تعمل ليل نهار لإبادة شعبنا في غزة، وفي ظل حصار قاتل لشعب كامل وقفت حركة المقاومة الإسلامية حماس برجالها ونسائها وأطفالها داعمة لصمود الشعب على كل المستويات الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعسكري سعيا للحرية وتلبية لحاجات شعب غزة الصابر المجاهد المناضل.
ومع اشتداد الحصار وتزايد المعاناة الإنسانية، يتكرر السؤال: هل قامت حركة حماس بواجبها تجاه شعبها؟ وهل تحمّلت مسؤولياتها السياسية والاجتماعية والإنسانية والعسكرية كما ينبغي؟.

يجيب الواقع، والشهادات من داخل القطاع، والأرقام، والإنجازات، أن الحركة لم تكن فقط على قدر الأمانة، بل قدمت نموذجًا فريدًا في الإدارة والصمود والمقاومة في آنٍ واحد.
هذه قراءة في الأداء السياسي والاجتماعي والعسكري لحركة حماس خلال 20 شهرًا من الصمود

“البُعد الاجتماعي والإنساني”

خلال 20 شهرًا من العدوان المركب، قدّمت حركة حماس– عبر ذراعها المدني، والحكومي، والمجتمعي – جهودًا ضخمة في تخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ومن أبرز إنجازاتها:

  • إيواء المشردين: أنشأت الحركة مئات مراكز الإيواء في المدارس والمباني العامة والخيام، ووفرت فيها الماء والغذاء والرعاية الصحية والاحتياجات الأساسية.
  • توزيع الغذاء والكساء: بالتعاون مع جمعياتها الخيرية، تم توزيع آلاف الكابونات، ووجبات الطعام، وكسوة العيد، والأضاحي، بما يشمل كل من بقي في القطاع دون استثناء.
  • كفالة الأسر المتضررة: كفلت الحركة آلاف الأسر من الشهداء والمصابين والنازحين، وقدّمت دعماً دورياً مادياً ومعنوياً.
  • مبادرات المياه والنظافة العامة: حفرت آبار مياه في كل حي، وشغّلتها بالطاقة الشمسية، كما أزالت الردم، وفتحت الطرق، ورشت المبيدات.
  • التنظيم الشعبي والخدمي: تم تشكيل لجان تنسيقية لإدارة الأحياء، وتنظيم المساعدات، وتأمين الاحتياجات العامة في بيئة من الفوضى والدمار.
  • التعليم والدين: تم تفعيل المساجد البديلة، وتوظيفها للتوعية والتوجيه الديني، بالإضافة إلى دعم المبادرات التعليمية البديلة في ظل انقطاع المدارس.

“الدور الأمني والانضباط الداخلي”

رغم استهداف الاحتلال للبنية الأمنية والمؤسسات الشرطية، تمكّنت حماس من استعادة الانضباط المجتمعي عبر:

  • لجان الإصلاح المجتمعي: تعاونت الشرطة مع لجان الإصلاح في حل النزاعات، وحماية الممتلكات العامة والخاصة.
  • قوات التأمين الميدانية: قامت بتأمين قوافل الإغاثة من النهب والتلاعب.
  • مكافحة الجريمة والعملاء: أنشأت “قوة ضاربة” لضبط البلطجية والعملاء، وقد تم معاقبة بعضهم ميدانيًا بشكل علني للردع، وفقًا لأحكام لجنة قضاء شرعية.
  • إدارة الأسواق: نزلت وزارة الاقتصاد لضبط الأسعار ومنع الاحتكار في ظل فوضى الأسعار الناتجة عن الحصار.

“الأداء السياسي والإداري”

رغم الحصار الدولي واستهداف قياداتها، تمكنت حماس من الحفاظ على إدارة متماسكة، وعلاقات سياسية إقليمية متقدمة على النحو التالى:

  • المرونة السياسية: أظهرت الحركة قدرة على التفاوض والتواصل مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، دون المساس بثوابتها.
  • الحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية: رغم الانقسام الفلسطيني، حرصت الحركة على احتواء الفصائل الأخرى، ومنعت أي اقتتال داخلي.
  • تمثيل الشعب سياسيًا: حافظت الحركة على خطاب ثابت في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في المقاومة والتحرر، ورفضت الإملاءات السياسية الدولية الظالمة.

“الجبهة العسكرية والمقاومة”

يبقى أبرز ما قامت به حماس هو إعادة تعريف معادلة الصراع مع العدو الصهيوني فى عدة اتجاهات:

  • الثبات العسكري: لم تنهار البنية العسكرية للمقاومة رغم الاستهداف المكثف، بل طوّرت تكتيكات جديدة وأظهرت قدرة قتالية لافتة.
  • ضرب العمق الإسرائيلي: استهدفت كتائب القسام العمق الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المسيرة، وحققت ردعًا نفسيًا ومعنويًا.
  • الأنفاق والكمائن: استخدمت تكتيكات متقدمة في المواجهة البرية عبر الأنفاق والهجمات المباغتة.
  • العمليات النوعية: نفذت كتائب القسام عدة عمليات نوعية خلف خطوط العدو، أكسبتها تقديرًا عالميًا وإرباكًا استراتيجيًا للعدو.
  • الاحتفاظ بالأسرى: ما تزال الحركة تحتفظ بجنود إسرائيليين أسرى، وتُحسن استخدام هذا الملف كورقة تفاوض مهمة.

“الرؤية الاستراتيجية وإدارة الصراع”
منذ اللحظة الأولى بعد السابع من أكتوبر 2023 ظهر البعد الاستراتيجى للمقاومة من اعداد وترتيب وتخطيط وخاصة بعد ان استطاعت تحقيق جملة من الأهداف وبضربة واحدة.

1- صناعة وعي جمعي بالصمود: حرصت حماس عبر إعلامها وخطبائها ومساجدها على ترسيخ روح الصبر والاحتساب والثقة بالنصر.

2- ربط المعركة بفلسطين كلها: لم تقصر المعركة على غزة فقط، بل ربطتها بالقدس والأقصى والضفة والشتات.

3- استخدام التكنولوجيا والتكتيك الإعلامي: واجهت الحملات الدعائية الصهيونية بتقنيات متقدمة وخطاب مبدئي وثابت.

4- إدارة متكاملة للأزمة: رغم الحصار والتدمير، حافظت الحركة على مؤسساتها الإدارية والخدمية فاعلة ضمن الإمكانات المتاحة.

خاتمة: لقد حملت حماس أمانة شعبها بكل ما تملك، وضحت بقيادتها، ومجاهديها، ومؤسساتها، وجمهورها، لتبقى راية المقاومة مرفوعة، ولتبقى غزة رغم الجراح عنوان الكرامة والرفض والصمود.
السؤال اليوم لم يعد: “هل قامت حماس بواجبها؟” بل “من الذي يستطيع أن يحمل هذه الأمانة مثلما حملتها؟”.
إن ما تحقق خلال 20 شهرًا من الصمود والمعركة، سياسيًا وعسكريًا ومجتمعيًا، يعيد تعريف معنى القيادة، ومعنى المقاومة، ومعنى الوفاء للشعب والقضية.

ويبقي الواجب الأعظم الملقي على عاتق الأمة وكل أحرار العالم وهو أن يدعموا صمود شعبنا في غزة وأرض فلسطين حتى يتحقق النصر وأن يتابعوا النضال حتى لا يفلت المجرم الصهيوني والأمريكي من العقاب

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى