أخبار العالم

سيطرة عصابات هايتي الكاملة على العاصمة تدفع الدولة نحو الانهيار الشامل الفوري

أعلنت العاصمة الهايتية بورت أو برنس أنها باتت تحت سيطرة شبه كاملة لعصابات مسلحة، حيث يهيمن هؤلاء المجرمون على حوالي 90% من المدينة، ويستغلون ضعف الدولة للتمدد والانتشار في مناطق جديدة كانت حتى وقت قريب هادئة نسبيًا.

شهد الجنوب ارتفاعًا ملحوظًا في أعمال العنف المتعلقة بالعصابات، خاصة في معابر حدودية مهمة مثل بيلادير ومالباس، حيث تتعرض قوات الأمن لهجمات متكررة، ما يؤكد أن الفوضى تتسع بشكل خطير على الأراضي الهايتية.

أكدت تقارير أن نفوذ العصابات تجاوز السيطرة الأمنية ليصل إلى فرض نماذج حكم بديلة في ظل غياب الخدمات الحكومية، كما استولت على طرق التجارة الحيوية، ما أوقف حركة البضائع المشروعة ورفع أسعار المواد الأساسية مثل البنزين والأرز الذي يعد الطعام الرئيسي لسكان البلاد، ما زاد من معاناة المواطن الهايتي في ظل أزمة اقتصادية خانقة.

لفت مسؤولون دوليون إلى أن استمرار سيطرة العصابات على العاصمة يهدد بشكل حقيقي باندثار أي وجود للدولة، مشيرين إلى أن اغتيال الرئيس جوفينيل مويز في يوليو 2021 شكّل نقطة تحول كارثية سمحت بتعزيز نفوذ هذه المجموعات، التي كانت تسيطر حينها على 85% من المدينة، فيما لم يتسنَ للهايتيين انتخاب رئيس جديد حتى الآن.

أوضح تقارير أن بعثة الشرطة الكينية التي أرسلتها الأمم المتحدة للسيطرة على الوضع تعاني من نقص كبير في الأفراد والتمويل، إذ وصلت إلى 40% فقط من القوة المقررة البالغة 2500 عنصر. كما تعثرت مقترحات توفير الدعم اللوجستي من طائرات ومسيرات وبنزين، مما أعاق جهود الحد من انتشار العنف.

أشار خبراء إلى أن ازدياد نشاط شركات الأمن الخاصة ومجموعات الدفاع الذاتي انتشر بسرعة، بعضها يحاول حماية مناطقه، لكن معظمها مرتبط بعصابات أو ينفذ عمليات خارج القانون. في الثلاثة أشهر الماضية فقط، قتل هؤلاء نحو 100 شخص بينهم امرأة واحدة بتهم التعاون مع العصابات، وزادت الحوادث المرتبطة بالعنف الجنسي، حيث وثقت الأمم المتحدة 364 حالة اعتداء على 378 ضحية خلال مارس وأبريل وحدهما.

ذكر تقرير دولي حديث أن العصابات تستغل الفوضى السياسية والانقسامات المتفاقمة بين مختلف القوى الانتقالية، التي تتهم بعضها بالفساد، لتعزيز سيطرتها وزيادة مصادر دخلها. وأضاف التقرير أن صراعات النفوذ السياسية تخدم أحيانًا مصالح أشخاص يسعون لتعطيل العملية الانتقالية لمآرب شخصية، ما أدى إلى تعطيل أي تقدم في استعادة الأمن وتنظيم الانتخابات المقررة في فبراير 2026.

تابع التقرير أن الشرطة الوطنية تعاني من ضعف واضح في القيادة، والجيش بحاجة إلى إعادة بناء، في ظل محدودية تدخل القوة الدولية، مما يمنح العصابات اليد العليا. وأكد أن مجموعات الدفاع الذاتي تضم أحيانًا عناصر شرطة تورطت في انتهاكات لحقوق الإنسان، فيما نفذت قوات الأمن الهايتيّة 281 إعدامًا ميدانيًا خلال 2024، بينهم 22 امرأة و8 أطفال، ما يوضح حجم الانهيار في منظومة العدالة.

وأفاد التقرير بأن تدفق الأسلحة الثقيلة إلى العصابات مستمر رغم الحظر الدولي، إذ تحصل على هذه الأسلحة من الأسواق المدنية الإقليمية ومن مخزون الشرطة في هايتي والدومينيكان، مما يعزز قوتها ويزيد من خطرها.

تُظهر هذه الحقائق أن هايتي تعيش حالة انهيار مؤسسي خطيرة، حيث تتوسع سيطرة العصابات بلا رادع، وتفرض واقعًا دامٍ على حياة السكان، بينما الدولة تتراجع وتفقد كل مقومات مواجهة الأزمة. وإذا لم يتم تحرك دولي عاجل وقوي، فستصبح العاصمة والمناطق المحيطة بها مسرحًا للفوضى والدمار بلا أمل في التعافي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى