مجلس حقوق الإنسان يعتمد قرارًا صادمًا يكشف مدى فساد العالم وإهداره لحقوق الإنسان

أعلن مجلس حقوق الإنسان بجنيف أمس قرارًا لا يمكن تمريره مرور الكرام، كشف فيه بشكل فاضح مدى فساد المؤسسات حول العالم وتأثيره السلبي على أبسط حقوق الإنسان.
القرار، الذي جاء بدفع مباشر من المغرب وبمشاركة مجموعة من الدول كالأرجنتين والنمسا والبرازيل، لم يترك أي مجال للشك في أن الفساد ليس مجرد ظاهرة إدارية، بل هو سرطان يهدم مجتمعاتنا ويقضي على فرص العيش الكريم لكل إنسان.
أكد السفير المغربي، عمر زنيبر، أن الفساد يهدد بنية المجتمعات بقوة لا يمكن إنكارها، إذ يمنع الناس من الحصول على الخدمات الأساسية ويقوض الثقة بين المواطن والدولة، ويغذي الفجوات الاجتماعية ويعطي فرصة لمزيد من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. لم يكن هذا مجرد كلام سياسي رتيب، بل حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها، خاصة مع تصاعد أعداد الضحايا الذين وقعوا فريسة لهذا المرض الخبيث.
أوضح الدبلوماسي المغربي أن المغرب وضع مكافحة الفساد على رأس أولوياته الوطنية، بدءًا من دستور 2011 الذي أنشأ هيئة وطنية للنزاهة لمكافحة الرشوة والفساد، إلى قوانين تضمن شفافية أكبر وحق المواطن في الوصول إلى المعلومات. لكنه لم يكن وحده، فالقرار الدولي أكد على أن مكافحة الفساد لا تتم إلا من خلال مقاربة تحترم حقوق الإنسان، وتجعل من الشفافية والمحاسبة أدوات أساسية لبناء دولة قانون حقيقية.
أشار القرار كذلك إلى أن مكافحة الفساد ليست مهمة مؤسساتية فقط، بل تبدأ بالتربية والتكوين داخل المؤسسات التعليمية، حيث يلعب الوسط الأكاديمي دورًا استراتيجيًا في زرع قيم النزاهة والشفافية. وحذّر النص من أن إهمال هذا الجانب يعني استمرار الفساد وتعمقه، مما يعمق هوة الظلم الاجتماعي ويزيد من معاناة المواطنين.
أكد القرار استمرار جهود مجلس حقوق الإنسان منذ 2015 في بحث آليات حماية حقوق الإنسان داخل إطار مكافحة الفساد، حيث كلف لجنة متخصصة بإعداد دراسة شاملة عن الالتزامات الحقيقية للدول في هذا المجال. كما لفت إلى ضرورة تعاون دولي متعدد الأطراف، لا سيما بين مجلس حقوق الإنسان والمكاتب الأممية المعنية، في محاولة لفرض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي لم ترتق حتى الآن لمستوى التطبيق الفعلي على الأرض.
لفت السفير المغربي إلى أن هذه الخطوة ليست منفصلة عن الجهود الدولية الأخرى، مثل تلك التي تم الاتفاق عليها في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، حيث الربط بين الشفافية والحكامة الجيدة يعد حجر الزاوية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي لا يمكن تحقيقها في ظل وجود فساد فاضح ومستشري.
أوضح القرار بحسم أن مكافحة الفساد ليست خيارًا بل ضرورة ملحة لضمان احترام حقوق الإنسان، وأن الفساد إن لم يُكافح فسيظل عدوًا خفيًا يلتهم مجتمعاتنا من الداخل، مهددًا بتفكيك نسيجها الاجتماعي وتدمير فرص التنمية والعدالة.
اختتم الدبلوماسي المغربي حديثه بملاحظة واضحة: اعتماد القرار بالإجماع يعكس إدراكًا دوليًا مفاده أن القضاء على الفساد هو السبيل الوحيد الحقيقي للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، وأن كل تقاعس في هذا المسعى يعني استمرار معاناة الملايين الذين ينتظرون من الحكومات ومؤسساتها أن تتوقف عن إرضاخ مصالحها الذاتية على حساب حقهم في حياة كريمة.
بهذا القرار، لا يُترك لأي جهة مجالًا للتهرب، والفساد يُكشف عاريًا أمام أعين العالم، كأكبر خيانة لحقوق الإنسان وهدامة لكل ما تبقى من أمل في مستقبل أفضل.