انهيار الخدمات وتفشي فساد ممنهج يهدر أموال الليبيريين علنًا

أوضح التقرير السنوي الصادر عن المركز الوطني لمكافحة الفساد في ليبيريا لعام 2024 أن الدولة تغرق في دوامة فساد صارخ لم يعد يُدار خلف الأبواب المغلقة، بل صار يُمارس على المكشوف في مؤسسات يفترض أنها تخدم المواطن، لا تنهبه.
أكد التقرير أن الفساد المستشري بات يعصف بالخدمات العامة من تعليم وصحة وعدالة وبنية تحتية، حتى أصبح المواطن يدفع الثمن يوميًا، إما مالًا أو كرامة.
لفت التقرير إلى أن هناك تبديدًا ممنهجًا للمال العام داخل الوزارات والمؤسسات، حيث تُمرر الصفقات والمشتريات الحكومية في غياب تام للشفافية، بل تُصاغ العقود على مقاس المنتفعين، بينما يُترك المواطن بلا دواء أو تعليم أو ماء نظيف.
أشار التقرير إلى أن أدوات الرقابة والمساءلة معطلة فعليًا، وكأنها مجرد ديكور قانوني لا أكثر، يسمح بتفشي السرقة المنظمة بأعلى المستويات دون أن يرف جفن لأي مسؤول.
أعلن المركز أن نسبة الشكاوى المتعلقة بالفساد ارتفعت بنسبة تفوق 40% مقارنة بالعام الماضي، في مشهد وصفه التقرير بأنه “انفجار غير مسبوق في وقاحة النهب العام”. بيّن التقرير أن هذه القفزة تعكس فقدان المواطنين الثقة في النظام، وأن ما يُهدر من أموال يقدّر بعشرات الملايين من الدولارات، تُسحب من جيب الدولة لتُضخ في حسابات قلة محظوظة تتمتع بحصانة غير معلنة.
أوضح التقرير أن جهاز العدالة نفسه لم يسلم من العدوى، إذ أكد المركز أن المحاكم باتت ترضخ لضغوط سياسية ومالية، تتسبب في تأجيل القضايا لسنوات، وتُطوى الملفات حسب حجم الرشوة أو موقع المتهم. هذه الحالة، بحسب التقرير، صنعت بيئة تُكافئ الفاسد وتُخيف من يبلغ أو يطالب بحقه، مما يكرس ثقافة الإفلات من العقاب ويُضعف روح القانون في البلاد.
زعم المركز أن الأزمات التي تعصف بليبيريا اليوم ليست ناتجة عن فقر أو نقص إمكانات، بل هي نتيجة مباشرة لتحالف النفوذ السياسي والمالي ضد الصالح العام. شدد التقرير على أن تغاضي السلطات عن هذا الانحدار المؤسسي هو خيانة صريحة لمصلحة الشعب، خاصة وأن الفساد طال قطاعات حيوية مثل التعليم، حيث تغلق المدارس أبوابها لعدم توفر المعلمين، فيما تُخصص الرواتب لموظفين “أشباح” لا وجود لهم إلا على الورق.
أردف التقرير أن ما يجري اليوم ليس فقط سرقة أموال، بل قتل بطيء للثقة والأمل والعدالة. بيّن أن غياب الإرادة السياسية هو العائق الأول أمام محاربة الفساد، إذ لم تُتخذ أي خطوات جادة لإصلاح القانون أو تمكين الهيئات الرقابية، بينما يستمر تكميم أفواه الإعلام ومنع وصول المعلومات إلى الجمهور، وكأن المطلوب إبقاء الشعب في ظلام دائم.
نوه المركز إلى أن استمرار هذه الفوضى سيؤدي حتمًا إلى انهيار شامل، ليس فقط في البنية التحتية، بل في النسيج الاجتماعي نفسه، ما لم تتدخل السلطة بشكل صارم، وتفتح ملفات الفساد بشفافية مطلقة، دون استثناءات أو حصانات.
استدرك التقرير محذرًا من أن تجاهل هذه التحذيرات لن يؤدي فقط إلى عزلة سياسية ودولية، بل سيُحول ليبيريا إلى بيئة طاردة للاستثمار وملاذًا للمفسدين، تُنهب فيها خيرات الشعب على مرأى الجميع دون رادع أو عقاب.