ابتكار مصري جريء في الطاقة والمياه يكشف إهمالًا رسميًا مستمرًا وخطيرًا

أثار المخترع المصري سامي نجيب عبدالله جرجس حالة من الجدل الحاد بعد أن جرى تكريمه داخل نادي الزراعيين بالدقي، تقديرًا لاختراعه الذي وُصف بالثوري، والمرتبط بتحلية مياه البحار وتوليد الكهرباء من طاقة الأمواج دون الحاجة لأي مصدر طاقة تقليدي.
ورغم صمت المؤسسات الكبرى، فإن ما قدمه الرجل استند إلى براءة اختراع نهائية ومثبتة رسميًا، ما يجعل تجاهله طوال السنوات السابقة مثارًا للدهشة والغضب.
أوضح جرجس أن الابتكار الذي قام بتطويره يعتمد على استغلال الطاقة الحركية لأمواج البحار لتحويلها إلى كهرباء نقية وتحلية المياه، دون استخدام وقود أو تكاليف تشغيل مستمرة، مؤكدًا أن هذا الحل ليس مجرد حلم نظري، بل نظام عملي جرى اختباره فعليًا وحقق نتائج مبهرة، يمكنه تغيير قواعد اللعبة في مجالات الزراعة والطاقة والمياه، وخاصة في القرى والمناطق النائية التي تعاني من العطش وغياب الخدمات الأساسية.
أكد أن التكنولوجيا التي طوّرها لا تحتاج إلا إلى الإرادة السياسية والتمويل المتواضع لتطبيقها على نطاق واسع، مشيرًا إلى أن الدولة تمتلك عشرات العقول القادرة على إحداث ثورة في الحلول البيئية، لولا العراقيل التي توضع عمدًا أمام كل مشروع حقيقي يهدد مصالح كبرى قائمة على الأزمات المزمنة.
أعلن سامي خلال التكريم عن مبادرتين جديدتين، حملتا رسائل حادة لكل من يحاول خنق الابتكار المحلي. المبادرة الأولى بعنوان “يلا نشجع بعضنا نبتكر”، تهدف إلى بناء بيئة علمية تدعم العقول المصرية الشابة وتحررهم من القيود الإدارية والبيروقراطية التي تقتل الطموح في مهده. أما المبادرة الثانية فجاءت تحت اسم “بالأمواج البحرية ننقذ البشرية من التغيرات المناخية”، وتدعو إلى اعتماد الطاقة البحرية كأداة فعلية لإنقاذ البيئة والمناخ، بدلًا من استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي يزيد الكوكب اختناقًا.
استنكر الحاضرون غياب الجهات الرسمية عن دعم هذا النوع من المشاريع، رغم أن ما عرضه المخترع يفتح أبوابًا حقيقية لحل أزمات مياه الري والطاقة التي طالما أرهقت الاقتصاد المصري، مؤكدين أن الاحتفاء به داخل نادٍ مهني، وليس من خلال منصة حكومية، يكشف حجم الإهمال الذي تتعرض له العقول المبتكرة.
استدرك سامي قائلًا إن الجهاز الذي صممه لن يكون أداة استثمار في يد رجال الأعمال أو شركات الطاقة، بل مشروعًا وطنيًا هدفه الأساسي إنقاذ البلاد من أزمة مياه متفاقمة وكهرباء مكلفة. وأشار إلى أنه لا ينوي التنازل عن فكرته لأي جهة، وأنه مستعد للاستمرار بمجهوده الفردي ما دام هناك من يحاول دفن الابتكار داخل الأدراج.
لفت البعض إلى أن هذا التكريم ليس مجرد مناسبة عابرة، بل لحظة فارقة تكشف عمق المشكلة التي تعاني منها منظومة الابتكار في مصر، حيث يُترك المخترع الحقيقي في الظل، بينما تُمنح الأضواء لمشاريع غير مكتملة أو شعارات بلا مضمون.
أبرز ما قيل خلال الفعالية كان التساؤل الكبير: كيف يمكن أن يُهمَل اختراع يمكنه تزويد مناطق كاملة بالكهرباء والمياه النقية، في بلد يعاني من نقص الموارد وارتفاع الفواتير؟ ولماذا تستمر الدولة في تجاهل الحلول المتاحة بينما تنزف ميزانياتها على مشاريع تقليدية لا تواكب العصر؟
أجمع الحضور أن ما حدث ليس مجرد تكريم لرجل اجتهد، بل جرس إنذار صاخب يفضح تجاهلًا طويل الأمد للمخترعين المصريين، ويفتح أعين الرأي العام على حقيقة مريرة: الحلول موجودة، ولكن من يمنع تنفيذها؟