حوادث وقضايا

حريق سنترال رمسيس يفضح هشاشة مصر الرقمية وانهيار الخدمات الحيوية كليًا

انكشفت الحقيقة الكارثية مساء السابع من يوليو، حين التهم حريق مفاجئ قلب البنية التحتية الرقمية في مصر، متمثلًا في سنترال رمسيس، ليصيب البلاد بشلل شبه تام امتد من شبكات الإنترنت إلى المطارات، مرورًا بالبنوك والبورصة، وسط ارتباك كامل وغياب خطط الطوارئ.

بدأت الكارثة في غرفة أجهزة داخل الطابق السابع من المبنى، لكن اللهب لم يجد من يردعه فابتلع طوابق متعددة دون مقاومة تُذكر. داخل المبنى سقط أربعة مهندسين ضحايا، وارتفع عدد المصابين إلى 27، كلهم كانوا يحاولون إخماد الحريق أو النجاة منه، فيما كانت أنظمة الحماية الإلكترونية معطلة تمامًا، وكأن المكان لم يُصمم لمواجهة أي أزمة.

ضرب الحريق مفاصل الاتصال في الدولة، فانقطعت الخدمة عن آلاف المؤسسات والمنازل، وتعطلت مصالح الملايين، وتوقفت الأعمال، وتراجعت البورصة، وتباطأت حركة الطيران، وتحولت مصر إلى جزيرة معزولة عن العالم. لم تكن الكارثة في النيران وحدها، بل في هشاشة نظام يُفترض أنه يحمي أكثر قطاعات الدولة حساسية.

تسبب الحريق في سقوط النظام التكنولوجي بأكمله، لأن البلاد كانت تعتمد على نقطة واحدة تتحكم في كل شيء، من خطوط التراسل إلى الملاحة الجوية. لم تكن هناك بدائل فورية ولا مراكز احتياطية، ما جعل الحريق بمثابة قنبلة رقمية انفجرت في وجه الدولة.

توقفت البورصة عن التداول لأن الاتصال بين شركات الوساطة انهار تمامًا، وتوقفت الأنظمة البنكية، وانهارت المنصات الإلكترونية، وتأخرت الرحلات في مطار القاهرة، كل ذلك لأن غرفة واحدة اشتعلت دون أن تجد حلاً أو حارسًا رقميًا يتدخل.

ما جرى في سنترال رمسيس لم يكن مجرد حادث، بل كان عارًا تقنيًا ضرب منظومة بأكملها، وكشف أن الدولة لا تمتلك بنيانًا رقميًا حقيقيًا، بل مجرد شبكة مكشوفة على الحريق والعطل والخطر. لا حماية، لا تكرار، لا خطط بديلة، فقط مركز واحد تم تحميله كل شيء حتى انفجر.

انهال الغضب الشعبي على منصات التواصل، حيث رأى الجميع في الحريق فضيحة مدوية، لا تقل عن سقوط دولة بأكملها في اختبار بسيط من أسوأ كوابيس العصر الحديث.

أين ذهبت مئات الملايين التي أنفقت على تطوير البنية الرقمية؟ ولماذا لا يوجد نظام حماية يضمن استمرار الخدمات؟ وكيف تُترك أعصاب الدولة الرقمية تحت رحمة حريق عارض؟

في مشهد مرتبك ومؤلم، بدت مصر كأنها تعود سنوات إلى الوراء بلحظة واحدة، حين احترق قلب الاتصالات وسقط معه وهم الرقمنة، ليظهر أن ما بُني كان هشًا، غير مؤمن، وعاجز عن مواجهة الطوارئ.

لم يكن سنترال رمسيس مجرد مبنى شبكات، بل كان عقدة وصل تربط الداخل بالعالم؛ وحين انهار، انكشفت العورة كاملة، وبدت الدولة عاجزة أمام حريق استمر ساعات دون استيعاب لما يعنيه أن يكون مركزًا واحدًا هو نقطة الانهيار الكبرى وتوقفت الخدمات، توقفت الحياة، توقفت الدولة، والسبب: غرفة واحدة اشتعلت، فضحت كل شيء.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى