ثقافة وتاريخ

مها الصغير تنسب لوحات مسروقة لنفسها على الهواء دون خجل

أشعلت مها الصغير، زوجة النجم أحمد السقا، واحدة من أسوأ الفضائح في تاريخ التلفزيون المصري بعدما ظهرت بكل ثقة على شاشة برنامج “معكم منى الشاذلي” وهي تستعرض لوحات فنية تزعم أنها رسمتها بنفسها، في حين أنها لم تمسك ريشة أصلاً. لم تكتفِ بذلك، بل عرضت لوحة بعنوان “صنعتُ لنفسي أجنحة” ونسبتها لنفسها بلا تردد، متجاهلة أن العالم بات مفتوح العينين، وأن كل شيء قابل للكشف في لحظة.

خرجت الفنانة الدنماركية ليزا لاش نيلسون، صاحبة العمل الحقيقي، بعد أيام قليلة فقط، وفضحت الكذب علنًا على حسابها الرسمي، لتؤكد أن اللوحة تعود لها وأنها أنجزتها عام 2019، واستخدمت مرارًا في معارض ومناسبات عالمية كرمز للنضال والحرية. المفاجأة الصادمة لم تكن فقط في السرقة، بل في الوقاحة التي ظهرت بها مها الصغير وهي تتباهى بعمل لا علاقة لها به من قريب أو بعيد.

أوضحت نيلسون أن لا أحد تواصل معها أو أخذ إذنها، وأن اسمها لم يُذكر إطلاقًا في البرنامج، وكأن السرقة صارت أمرًا عاديًا يمكن تمريره وسط تصفيق الجمهور. ولولا أن العالم الرقمي لا يرحم، لمرت الفضيحة مرور الكرام، ولظلت الصغير تحتفل بإنجاز غيرها.

اعترفت مها الصغير أخيرًا بما فعلته، وكتبت منشورًا مرتبكًا على فيسبوك قالت فيه: “أنا غلطت”، زاعمة أنها تمر بظروف شخصية صعبة، وكأن الأزمات مبرر لنهب حقوق الفنانين. لم تتجرأ على مواجهة الجمهور أو الاعتذار على الهواء، بل اكتفت بكلمات باردة لم تمس الجرح الحقيقي.

لكن الأمور لم تقف عند هذا الحد. ظهر الفنان الفرنسي الشهير “سيتي” ليكشف أن ثلاث لوحات من أعماله – «Dwarka» و«Kigali» و«Bushido» – ظهرت أيضًا في البرنامج، وجرى استخدامها دون إذن، ليفتح النار قائلاً: “يُسرق فني هكذا أمام العالم؟ هذا عبث لا يُطاق!”. كلمات الفنان الفرنسي كشفت أن ما حدث ليس زلة عابرة، بل عملية سطو ممنهجة على أعمال فنية عالمية، تمت بكل بجاحة على شاشة رسمية.

لم تحمِ القوانين الفنانين، ولم تمنع هذه الفضيحة المدوية، لأن ما يسمى “حقوق الملكية” في العالم العربي لا يزال حبراً على ورق. رغم أن أغلب الدول العربية انضمت إلى اتفاقيات دولية مثل “برن” و”تريبس”، إلا أن التطبيق على الأرض ضعيف، والرقابة غائبة، والوعي القانوني شبه معدوم.

أكدت تقارير من منظمات دولية أن التشريعات العربية تقدمت نظريًا، لكن واقع التطبيق في غاية الهشاشة، إذ تغيب الكوادر القانونية المتخصصة، ويظل الفنان العربي مكشوف الظهر أمام من يستبيح فنه دون خوف من عقاب.

زاد الطين بلة دخول الفنون الرقمية على الخط، فأصبح من السهل سرقة الأعمال بنقرة واحدة، وترويجها على السوشيال ميديا بلا حسيب أو رقيب. واليوم، يضيف الذكاء الاصطناعي طبقة جديدة من التعقيد، حيث يمكن توليد أعمال جديدة تعتمد جزئياً على فنون سابقة، في غياب أي آلية واضحة لضمان حقوق المبدعين الأصليين.

ظهرت مبادرات فردية في دول مثل الإمارات والأردن لإنشاء محاكم متخصصة وتسريع الإجراءات، لكن ما زال الطريق طويلاً، والضحايا كُثر، والعدالة غائبة أو متأخرة، إن أتت أصلاً.

واقعة مها الصغير ليست مجرد حادثة فردية، بل جرس إنذار مدوٍ يصرخ في وجه الغفلة، ويؤكد أن سرقة الإبداع في عالمنا العربي ليست استثناء، بل شبه قاعدة، ومرات كثيرة تمر دون أن يلاحظها أحد.

على الشاشات الكبرى، سرقت لوحات، واغتُصبت أفكار، واختفى الحق في زحمة التصفيق. أما المبدعون، فلا عزاء لهم، إلا أن يصرخوا كل مرة من خلف الشاشات، أملاً في أن يسمعهم من لا يريد أن يرى الحقيقة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى