مصرع رئيس قطار في ظروف غامضة والمنظومة تنكشف خلال أسبوع واحد

أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق موسع في واقعة وفاة رئيس قطار رقم 2013 «أحمد بيومي» داخل محطة مغاغة بمحافظة المنيا، بعد أن سقط فجأة داخل القطار أثناء تأدية عمله، في مشهد أثار الريبة والغضب وسط العاملين في السكك الحديدية.
وشددت النيابة على ضرورة استدعاء جميع المعنيين بالحادث لسماع أقوالهم، وكلفت الجهات المختصة بتفريغ كاميرات المراقبة داخل المحطة وداخل القطار لتحديد الملابسات بدقة.
طالبت النيابة بإجراء تشريح لجثمان المتوفى للكشف عن سبب الوفاة الفعلي، خاصة بعد تضارب الأقاويل حول ما إذا كانت الوفاة طبيعية أو بسبب الإهمال أو الإجهاد الشديد، ما يفتح الباب أمام احتمالات لا يمكن التهاون معها في ظل ما تشهده السكك الحديدية من أزمات متلاحقة.
أكد شهود عيان أن أحمد بيومي، رئيس القطار، ظل يعاني من إجهاد مفرط خلال عمله بسبب طول الرحلات ونقص الكوادر، ما دفع البعض للتساؤل: هل أصبح الضغط اليومي الذي يتحمله العاملون كفيلاً بإنهاء حياتهم وهم على رأس العمل؟ بينما يكتفي المسؤولون بالصمت والبيانات الجافة، لا يزال دم «بيومي» يصرخ في وجه المنظومة المهترئة.
شهد الأسبوع نفسه كارثتين جديدتين على القضبان: أحدها بخط المناشي، والثانية على خط دسوق، وكلاهما كشفا حجم الفوضى التي تعيشها الهيئة، وكأن السكك الحديدية دخلت مرحلة الانهيار دون إعلان رسمي. الحوادث الثلاث خلال أقل من سبعة أيام تفضح واقعًا لا يمكن تجميله، وتجعل من الحديث عن التطوير مجرد وهم يتم الترويج له على الورق.
أعلن العاملون بالسكة الحديد حالة الحداد، وسط استياء بالغ من تجاهل الإدارة لمطالبهم المتكررة بتقليل الضغط، وتحسين بيئة العمل، وتوفير فترات راحة إنسانية بين الرحلات الطويلة. أشار عدد من العاملين إلى أن ما حدث لبيومي قد يتكرر مع أي فرد آخر إذا استمر الحال كما هو عليه، واعتبروا أن ما يحدث هو «مقصلة صامتة» تقضي على أرواح الشرفاء في الظل.
أوضحت نقابة العاملين في السكك الحديدية ومترو الأنفاق أن أحمد بيومي فارق الحياة داخل القطار خلال تأدية عمله، بعد توقف القطار في محطة مغاغة. لكن لم تصدر حتى الآن أي إجراءات أو قرارات فورية لإيقاف هذا النزيف البشري المتصاعد، وكأن الأمر لا يستحق أكثر من نعي.
تكرار الحوادث خلال فترة قصيرة يفضح هشاشة المنظومة وسوء الإدارة والتخطيط، وسط وعود لا تُنفّذ، وشعارات لا تطعم جائعًا ولا تحمي روحًا. بينما تستمر الرحلات، تزداد الأرواح المهدرة بلا حساب، في ظل غياب المساءلة وتكريس ثقافة «اعمل واسكت».
تسود حالة من الترقب بين العاملين بانتظار نتائج التحقيق، لكن السؤال الأهم: هل نحتاج كل مرة لضحية جديدة حتى نتحرك؟ أم أن أرواح العاملين تحوّلت لأرقام في دفاتر مهترئة لا يطالعها أحد إلا عند الموت؟