تحذير دولي أهملته مصر تسبب بانهيار كارثي في سنترال رمسيس

فجّرت متابعة حصرية لشبكة سكاي نيوز عربية مفاجأة مدوية، إذ تبين أن الكارثة التي شهدها سنترال رمسيس لم تكن صدمة أو مفاجأة على الإطلاق، بل كانت متوقعة ومعلنة منذ خمس سنوات كاملة، حين وجّه البنك الدولي في عام 2020 تحذيرًا خطيرًا وصريحًا إلى مصر بشأن البنية التحتية للاتصالات، محذرًا من احتكار الشركة المصرية للاتصالات للبوابة الدولية للإنترنت وللبنية الأرضية بكاملها، مؤكدًا أن استمرار هذا الوضع سيقود إلى أزمة وشيكة، ستنفجر من قلب القاهرة، وبالتحديد من سنترال رمسيس.
كشف خبير في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، في تصريح خاص لسكاي نيوز عربية، أن التقرير المشار إليه لم يترك مجالًا للشك أو التأويل، حيث حدد بوضوح أن اعتماد الدولة على جهة واحدة فقط لربط مصر بالعالم رقميًا يُعد مخاطرة جسيمة، تُهدد بانهيار شامل في حال وقوع أي خلل تقني، مشيرًا إلى أن التقييمات الفنية توقعت منذ ذلك الحين أن يكون سنترال رمسيس هو بؤرة الانفجار القادم، نتيجة للضغط التشغيلي المتواصل، وسوء الصيانة، وغياب خطط التطوير.
أوضح أن التحذير الدولي لم يكن مجرد إشارة عابرة، بل وصف بالأرقام والبيانات حالة الترهل غير المقبولة في البنية الرقمية لمصر، مؤكدًا أن التقرير نبّه إلى أن هناك مناطق محددة معرضة للانهيار، ومنها بالفعل سنترال رمسيس، وهو ما تحقق فعليًا بعد سنوات من الصمت المريب والإهمال الكارثي.
أكد أن الجهات المعنية تجاهلت كل تلك التحذيرات المتكررة، وتعاملت معها وكأنها غير موجودة، في وقت كانت فيه الأزمة تتضخم تحت الأرض بصمت مخيف. شدد على أن الدولة لم تُجرِ أي إصلاحات جوهرية في البنية التحتية خلال السنوات الماضية، بل اكتفت بالطلاء الخارجي لنظام مهترئ، هش، لا يصمد أمام أي ضغط استثنائي.
أشار إلى أن الأزمة الأخيرة كشفت كمّ الأكاذيب التي تم الترويج لها حول “التحول الرقمي”، إذ سقطت هذه الشعارات الرنانة دفعة واحدة، أمام انهيار سنترال هو الأهم والأخطر في القاهرة، في مشهد يعكس التقاعس الكامل عن حماية قطاع يُفترض أنه شريان حيوي للبلاد.
لفت إلى أن ما جرى لم يكن مجرد خلل فني أو سوء حظ، بل نتيجة حتمية لاحتكار فاسد، وتجاهل مقصود للنصائح الفنية الدولية، وعبث إداري طال أمده. زعم أن الأزمة كانت مكشوفة لمن يريد أن يرى، لكن التعتيم كان هو اللغة الوحيدة المسموح بها داخل مؤسسات الاتصالات.
استدرك قائلًا إن ما حدث في رمسيس لا يمثل فقط فشلًا تقنيًا، بل فضيحة إدارية مدوية، تحمل بصمات إهمال متعمد، وممارسات احتكارية تخنق التطوير، وتمنع المنافسة، وتترك مستقبل الاتصالات في مهب العشوائية.
نوه إلى أن التقرير الدولي شدد حينها على ضرورة كسر هذا الاحتكار سريعًا، وتوفير بدائل تشغيل حقيقية، مع إعادة هيكلة البنية الرقمية جذريًا، لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، وكأن أحدًا لم يسمع، أو أن المصلحة في بقاء الحال كما هو.
أعلن أن التحذير الذي أطلقه البنك الدولي عام 2020 لم يتم التعامل معه بجدية، بل قوبل بالتجاهل، والتعتيم، والصمت، وكأن الجهات المعنية كانت تراهن على ألا يقع الانفجار. لكن ما حذّر منه التقرير وقع بالحرف، وبنفس النقطة التي تم ذكرها تحديدًا: سنترال رمسيس.
أردف بأن هذه الفضيحة الرقمية لا يجب أن تمرّ دون محاسبة، لأن ما جرى لم يكن خطأ عرضيًا، بل نتيجة مباشرة لسلسلة طويلة من القرارات العقيمة، والتخبط المزمن، والانفراد بمفاصل البنية التحتية دون رقابة أو شفافية.
واختتم قائلًا إن المشهد الآن بات واضحًا كالشمس، وإنه لم يعد هناك أي مبرر للاستمرار في سياسة “التكتم والتجاهل”، لأن الكارثة وقعت بالفعل، والتحذير الذي أطلق في الماضي لم يعد تحذيرًا، بل صار شهادة إدانة صارخة للإهمال الذي أغرق البنية التحتية في العتمة.