مصر

إنتاج بئر غاز جديدة يكشف تأخرًا وفجوة في مشروع غرب الدلتا

أعلنت وزارة البترول عن دخول بئر غاز جديدة مرحلة الإنتاج، بزعم أنها خطوة في طريق تعزيز إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي، حيث بلغ معدل الإنتاج من هذا البئر 40 مليون قدم مكعبة يوميًا.

غير أن التفاصيل الحقيقية تكشف حجم التهاون والتأخر الصادم في مشروع كان من المفترض أن يُحدِث نقلة نوعية منذ سنوات، وليس في هذه اللحظة الحرجة.

أوضح الإعلان أن هذه الخطوة تأتي ضمن ما أُطلق عليه “المرحلة 11” من مشروع غرب دلتا النيل، وهو المشروع الذي تديره الدولة من خلال واحدة من أكبر الشركات المعنية بقطاع الغاز. لكن الفضيحة الحقيقية لا تكمن في الإعلان عن الإنتاج، بل في الأرقام التي لا تتناسب أبدًا مع ما تم الترويج له سابقًا من وعود ضخمة.

كشف الإعلان أن الخطة الحالية تستهدف إضافة 130 مليون قدم مكعبة يوميًا لإنتاج الشركة، ما يعني أن البئر الجديدة توفر فقط 30٪ من هذا الرقم، وهو أمر يثير علامات استفهام عديدة حول ما إذا كانت الوزارة تفشل في تحقيق الحد الأدنى من أهدافها، أم أنها تحاول تلميع صورة باهتة بإنجاز جزئي متأخر جدًا.

لفت المتابعون للقطاع إلى أن ما يحدث الآن لا يمكن وصفه إلا بأنه تباطؤ غير مبرر في تنفيذ مراحل المشروع، خاصة أن مشروع غرب الدلتا كان قد حُدّد له جداول زمنية واضحة تم تجاوزها جميعًا دون أي محاسبة أو تفسير. كيف لبئر واحدة فقط أن تُقدّم 40 مليون قدم مكعبة يوميًا في وقت يُفترض أن نكون فيه قد تجاوزنا منذ أعوام مرحلة الاكتفاء الداخلي ووصلنا إلى التصدير المستقر؟ الإجابة تفضح الكثير.

أشار المطلعون على تطورات المشروع إلى أن معدلات الإنتاج الحالية تكشف فجوة كبيرة بين ما يُعلن عنه في البيانات الرسمية، وما يتحقق فعليًا على الأرض. فبينما تتحدث الخطة عن 130 مليون قدم مكعبة يوميًا، لم يُفصح أحد عن مصير الآبار الأخرى، أو عن سبب التأخير الفادح في تنفيذ المراحل السابقة، أو حتى عن التكلفة المالية التي تم إنفاقها دون عائد يوازي حجم الاستثمارات.

زعم المسؤولون أن الإنتاج الجديد سيدعم أمن الطاقة في البلاد، غير أن الواقع يقول شيئًا آخر تمامًا: الاستهلاك المحلي يرتفع بوتيرة سريعة، والانخفاض المستمر في معدلات الإنتاج الكلية يجعل من هذا الإعلان مجرد محاولة لتغطية الفشل المُزمن في تحقيق أهداف الاكتفاء الذاتي.

استرسل المتابعون في التأكيد على أن مشروع غرب دلتا النيل كان يفترض أن يكون قصة نجاح قومية، لكنه تحوّل إلى لغز محيّر تُعلن فيه الأرقام الصغيرة وكأنها إنجازات كبرى، دون أن يُحاسب أحد على التأخير، أو يُسأل عن الانهيار في توقعات الإنتاج مقارنة بما تم الإعلان عنه قبل سنوات.

أعلن مسؤولون أن المرحلة الحالية ما زالت جارية، لكن هذه الجملة تفتح الباب أمام المزيد من التشكيك: إذا كانت المراحل مستمرة منذ أكثر من عقد ولم تسفر إلا عن بئر واحدة بهذا المعدل، فكم من الوقت سننتظر حتى نصل إلى الرقم الكامل؟ وهل هناك أصلاً خطة واقعية واضحة؟ أم أن كل ما يُقال لا يتجاوز حدود الدعاية؟

أجاب الخبراء بسؤال أكثر فجاجة: أين ذهبت مليارات الدولارات التي صُرفت على المراحل السابقة؟ ولماذا لا يُعلن عن تفاصيل ما تم إنجازه فعلًا مقارنة بما تم التخطيط له؟ وإذا كانت النتيجة في النهاية مجرد 40 مليون قدم مكعبة يوميًا من بئر واحدة، فهل هذا هو أقصى ما يمكن أن نقدمه بعد سنوات من الحفر والتمويل والشعارات؟

بهذا الإعلان، لم تفعل الوزارة سوى فتح ملف متخم بالشكوك والأسئلة، ليظل مشروع غرب دلتا النيل نموذجًا على كيف يمكن أن تتحول الوعود البراقة إلى واقع باهت لا يرقى لطموحات الناس ولا يليق بحجم الإمكانات الطبيعية التي تمتلكها البلاد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى