وزير الثقافة السوري يُشعل الغضب بمقطع قديم عن الطائفة العلوية

فجّر انتشار فيديو قديم لمحمد ياسين صالح، وزير الثقافة السوري الحالي، موجة غضب عارمة على مواقع التواصل، بعدما ظهر فيه متحدثًا عن الطائفة العلوية بطريقة أثارت اتهامات صريحة بتكريس الصور النمطية المهينة والمُجحفة بحق شريحة واسعة من السوريين.
أوضح المقطع المُتداول أن صالح، خلال ظهوره السابق، تناول وضع العلويين ضمن سياق بدا لكثيرين مستفزًا، حين تحدث عن فئتين داخل الطائفة لا ثالث لهما حسب قوله: الأولى عبارة عن “خدم في المؤسسات الأمنية”، والثانية “مستفيدين وفاسدين”، ما فتح الباب أمام تفسيرات صادمة لما يحمله هذا الخطاب من إيحاءات عدائية تمس مكونًا أساسياً في النسيج السوري.
زعم البعض أن الفيديو سُجّل قبل أن يتولى صالح منصبه الوزاري، وكأن التوقيت قد يشفع للمضمون، لكن الغالبية رأت أن التوقيت لا يُلغي فداحة التصريحات التي انطلقت من منطق تمييزي فج، وكأن الوزير القادم من خلفية ثقافية يحمل في طيات خطابه تصنيفات جاهزة تتبنى سرديات النظام نفسه الذي طالما ادّعى مقاومته.
لفت متابعون إلى أن اللهجة التي استخدمها صالح لم تكن بريئة أو عفوية، بل جاءت محمّلة برسائل قاسية توحي بتعميم خطير، يُساوي بين أبناء طائفة بأكملها وبين أدوار سلطوية أو فساد ممنهج، مما فُسّر كتهديد مستتر لوحدة المجتمع وتماسكه.
أردف آخرون بأن الخطاب المثير للجدل، بدلًا من أن يفتح حوارًا حول العدالة والمساواة بين الطوائف، ذهب باتجاه مريب يُمهّد لنزعة انتقامية تلبس ثوب النخبة المثقفة، فهل يعقل أن يُختصر تاريخ طائفة عمرها قرون في ثنائية “عبد وفاسد”؟
أكد منتقدون أن الفيديو لم يكن زلة لسان أو لحظة انفعال، بل يعكس منطقًا خطيرًا تتبنّاه بعض النخب حين تسعى للتميّز فوق أطلال الآخرين، ويتحوّل التثقيف هنا إلى عملية شحن ووصم، بدلًا من أن يكون جسرًا للتقارب والتنوير.
استرسل البعض في التحليل، مشيرين إلى أن هذا النوع من الخطاب يُعيد إنتاج الشرخ المجتمعي الذي تسببت به سنوات الحرب، ويضرب بعرض الحائط أي فرصة لمصالحة وطنية شاملة، بينما يبدو صالح كمن يستخدم تاريخه المعارض ليغطي على احتقانه الداخلي تجاه فئات بعينها.
نفى مؤيدو صالح أن يكون قد قصد الإساءة للطائفة، بل حاول – حسب رأيهم – تسليط الضوء على معاناتهم تحت النظام، لكن الطريقة التي اختارها لم تترك مجالًا للتأويل الحسن، فالكلمات خرجت محمّلة بألغام لغوية تُفجّر الذاكرة الجماعية وتستفز كرامة الكثيرين.
أشار بعض الناشطين إلى أن تجاهل هذه التصريحات ومرورها مرور الكرام تحت ذريعة “الزمن القديم” يُعدّ تسترًا على خطاب تمييزي صارخ، لا يجوز التغاضي عنه، خاصة حين يصدر عن شخصية تشغل موقعًا رسميًا يفترض أن يكون جامعًا لا قاطعًا.
استدرك متابعون أن ما يُفترض أن يكون منصبًا ثقافيًا رفيعًا بات عنوانًا لأزمة أخلاقية في الخطاب، فكيف يُؤتمن من يصنّف شعبه بهذه الطريقة على الإرث الثقافي للبلاد؟ وكيف تُمنح وزارة الثقافة لمن يرى في التعدد الطائفي سببًا للوصم لا للغنى؟
أعلن ناشطون عبر منصات التواصل رفضهم المطلق لتصريحات الوزير، مطالبين بمحاسبته أو اعتذاره العلني، مشددين على أن إعادة بناء سوريا لا يمكن أن تبدأ بخطاب مليء بالإقصاء والتعميم، مهما كانت خلفية المتحدث أو نواياه المعلنة.
بهذا، يتحول فيديو قديم إلى مرآة كاشفة لحقيقة مؤلمة، وهي أن بعض من يُفترض أنهم رموز فكر وثقافة، لا يزالون عالقين في مستنقع الكراهية المقنعة، يوزعون الاتهامات حسب الهوية، ويجعلون من الثقافة أداة فرز لا وسيلة توحيد.