إيلون ماسك يقلب موازين السياسة الأمريكية بحزب جديد يهز العروش

أعلن الملياردير الأمريكي إيلون ماسك عن خطوة مدوّية قلبت الطاولة في وجه المنظومة السياسية التقليدية، بعدما كشف صراحة على منصة “إكس” عن تأسيسه حزبًا سياسيًا جديدًا يحمل اسم “حزب أمريكا”، في توقيت لا يمكن فصله عن اشتعال الخلاف المتصاعد بينه وبين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
كشف ماسك بهذه الخطوة نيّته الواضحة في خوض معركة مفتوحة مع نظام الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في تحدٍّ صارخ للتركيبة السياسية الراسخة في الولايات المتحدة، والتي طالما حاصرت أي محاولة لإنشاء قوى بديلة. لم يكن الإعلان مجرّد خطوة رمزية، بل جاء بمثابة صدمة مدوية تُعلن ولادة كيان سياسي جديد من رحم الصدامات الشخصية والمصالح المتشابكة على قمة السلطة والمال.
أشار ماسك، دون مواربة، إلى أن حزبه لا يعترف بالولاءات القديمة، وأنه جاء “ليكسر احتكار اللعبة السياسية” التي ظلّت لعقود رهينة تبادل الأدوار بين حزبين لم يعد أحد يفرق بين شعاراتهما، في حين تغرق البلاد في صراعات إعلامية لا تُقدّم حلولًا حقيقية للناخب الأمريكي.
استغل ماسك تصدّره للجدل السياسي الأمريكي في الأسابيع الأخيرة عقب مواجهته الحادة مع ترامب، حيث وصلت الأمور إلى حد تبادل السباب والتلميحات العدائية، ما كشف عن تصدّع واضح بين قطبين يفترض أن يكونا حليفين داخل ذات المعسكر. جاءت خطوة تأسيس “حزب أمريكا” كردّ فعل مباشر، بل ورسالة سياسية بصوت عالٍ: لن أبقى تحت عباءة أحد.
أكدت الأحداث الأخيرة أن ماسك لم يعد يكتفي بلعب دور رجل الأعمال المثير للجدل، بل يندفع بكل ثقله نحو رسم خريطة سياسية جديدة، مستغلًا نفوذه التقني والإعلامي ومتابعيه بالملايين. فهو لم يُعلن حزبه عبر مؤتمرات تقليدية أو بيانات رسمية، بل أطلقه بضغطة زر على منصته الخاصة، وكأنما يُعلن أنه يكتب فصلًا جديدًا من السياسة على طريقته الخاصة.
أوضح هذا التحوّل الجذري أن ماسك يرى نفسه اليوم كفاعل سياسي لا يقل وزنًا عن كبار الساسة في أمريكا، بل ربما يعتبر أن الوقت قد حان ليُترجم قوته المالية والتكنولوجية إلى سلطة تشريعية وتنفيذية، ولو عبر طريق غير معبّد ومحفوف بالمخاطر.
نوه مراقبون إلى أن هذه الخطوة ليست فقط موجهة ضد الحزبين الكبيرين، بل ضد الطبقة السياسية بأكملها، حيث سخر ماسك سابقًا من أداء النخب، واعتبر أن السياسة باتت صناعة محتكرة من قبل فاشلين يبحثون عن نفوذ لا يستحقونه. بهذا المعنى، لا يبدو “حزب أمريكا” مجرّد حزب ثالث، بل يبدو كأداة انتقامية ضد مؤسسة سياسية خانت وعودها، على حد وصفه الضمني.
زعم ماسك في تغريدات متلاحقة أن الحزب الجديد سيكون “الصوت الحر” و”البديل الضروري” في بلد فقد ثقة الناخبين، مراهناً على أن هناك ملايين الأمريكيين الذين لم يعودوا يجدون أنفسهم داخل أي من الحزبين التقليديين، ويبحثون عن بديل يخرج من عباءة الملياردير الأكثر شهرة وتأثيرًا في العالم.
استدرك محللون أن دخول ماسك إلى المعترك السياسي بحزب جديد لا يعني بالضرورة نجاحًا مضمونًا، لكنه بالتأكيد يكشف عن هشاشة المنظومة السياسية الراهنة، ويُحرّك مياهًا راكدة ظلت سنوات طويلة بلا مساءلة حقيقية.
أعلن ماسك بوضوح أن اللعبة تغيّرت، وأن من يملكون المال، والمنصات، والجمهور، لم يعودوا بحاجة إلى إذن كي يقتحموا السياسة من بابها الخلفي، إن لم يُفتح لهم الباب الأمامي. وبفعله هذا، أطلق رصاصة البداية في معركة قد تُغيّر وجه الانتخابات الأمريكية القادمة، إن لم تُسقط أحد أعمدتها.