أحزاب وبياناتملفات وتقارير

فضيحة كبرى تضرب الحزب الحاكم في إسبانيا وسانتشيز يتشبث بالمنصب

أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيز عن خطة جديدة لمكافحة الفساد، في محاولة يائسة للحفاظ على تأييد البرلمان، بعد أن طالت اتهامات مباشرة كبار قيادات الحزب الاشتراكي الحاكم بتلقي رشاوى مقابل منح عقود أشغال عامة.

أوضح سانتشيز، الذي يشغل كذلك منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي، أنه فكر لفترة قصيرة في الاستقالة لكنه قرر البقاء، مبرراً ذلك بأنه “سياسي نزيه” على حد قوله، مؤكداً رفضه القاطع للتنحي رغم اشتداد الأزمة.

أعلن سانتشيز، خلال جلسة استثنائية في البرلمان بتاريخ 9 يوليو 2025، عن 15 إجراءً جديدًا أبرزها منع الشركات المدانة بالرشوة من التعاقد مع الحكومة، والتعاون مع فريق مكافحة الفساد التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في محاولة للظهور بمظهر الجاد في تطهير النظام من الفساد المستشري.

أشار إلى أن الخطوات تشمل كذلك إزاحة المقربين من سانتوس سيردان، المسؤول الثالث سابقًا في الحزب، من المناصب القيادية، وتقديم إصلاحات تنظيمية داخل الحزب لمنع تمركز السلطة وحماية المبلغين عن الفساد بهوية سرية.

أكدت منظمة الشفافية الدولية – فرع إسبانيا ترحيبها بمشاركة المجتمع المدني في مراقبة إجراءات التعاقد الحكومي، لكنها شددت على ضرورة أن تتحول الوعود إلى أفعال ملموسة ومستمرة، محذرة من الاكتفاء بالاستعراض الإعلامي دون تغيير جوهري.

أوضح تقرير أولي في يونيو الماضي أن محكمة عليا أمرت بحبس سانتوس سيردان احتياطياً على ذمة التحقيق في اتهامه بتلقي وتوزيع رشاوى مقابل ترسية عقود حكومية، في واقعة فجرت موجة استنكار واسعة داخل الأوساط السياسية الإسبانية.

نفى سيردان جميع التهم الموجهة إليه، لكن الغضب الشعبي تصاعد بشدة، وخرجت أصوات تطالب بانتخابات مبكرة، في ظل مخاوف متزايدة من انهيار الحكومة القائمة التي تستند إلى تحالف هش من أحزاب صغيرة.

زعم زعيم حزب الشعب المعارض، ألبرتو نونيز فيخو، أن سانتشيز مطالب بالكشف عن كل ما يعرفه عن الفضيحة، وأن يعلن مسؤولية حزبه، داعياً إلى انتخابات فورية باعتبارها “الخيار الوحيد الممكن”، بحسب تعبيره.

لفتت المحامية الدولية ميريام غونزاليس دورانتيز، المؤسسة لحركة “إسبانيا أفضل”، إلى أن الإجراءات التي أعلنها سانتشيز غير كافية على الإطلاق، مشيرة إلى أنها لا تمس جوهر الفساد السياسي الممنهج في إسبانيا، حيث المشكلة الحقيقية تكمن في غياب الضوابط والتوازنات التي تُميز الأنظمة الديمقراطية المستقرة.

استدركت دورانتيز أن أزمة الفساد في إسبانيا تتجاوز فساد الشركات والبيروقراطية، لتكشف عن أزمة أخلاقية عميقة بين السياسيين أنفسهم، وهو ما لم تجرؤ الحكومة على الاعتراف به علنًا حتى اللحظة.

استرسل المعارضون في اتهام سانتشيز بالمراوغة، والتشبث بالسلطة رغم التفجر المتسارع للأزمة، متهمين إياه بتجاهل المطالب الشعبية والتنصل من المسؤولية الأخلاقية، فيما يستمر تحالف الأقلية الاشتراكي في التمسك بالسلطة مستندًا إلى دعم هش من شركاء مترددين، رافضين في الوقت ذاته دعم تصويت بحجب الثقة.

نوهت الأزمة إلى هشاشة البنية السياسية الإسبانية، وانكشاف منظومة الحكم أمام اختبارات النزاهة والشفافية، في وقت تتسارع فيه الدعوات الداخلية والخارجية لإصلاحات جذرية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى