حوادث وقضايا

كارثة وقود الطائرة الهندية قطع فجأة وموت 260 بسبب خطأ غامض

أشعل التحقيق الأولي في مأساة تحطم طائرة “بوينغ 787-8 دريملاينر” التابعة للخطوط الجوية الهندية، موجة غضب وذهول، بعد كشفه عن تفاصيل مذهلة تُثير الريبة والشكوك حول ما جرى فعلًا داخل قمرة القيادة.

التقرير، الذي خرج في منتصف يونيو الماضي، فضح واحدة من أخطر الحوادث في تاريخ الطيران الحديث: مفتاحا ضخ الوقود إلى المحركين توقّفا عن العمل فجأة، بفارق ثانية واحدة فقط، بينما كانت الطائرة في أقصى سرعتها، لتسقط بعدها بلحظات وتتحول إلى كتلة نار، وتحصد أرواح 260 شخصًا بينهم 19 من الأبرياء على الأرض.

أكدت المعلومات المسجلة من داخل قمرة القيادة أن أحد الطيارين تفاجأ بانقطاع الوقود وصرخ يسأل زميله: “ليه قفلت الوقود؟”، ليجيبه الآخر مذهولًا: “ما عملتش كده”، في لحظة ارتباك مطبقة لم يكن فيها مجال لأي تصرّف حاسم.

بدأت الطائرة تهوي بسرعة هائلة، وحاول الطياران عبثًا إعادة تشغيل المحركات، حيث عاد أحدها للعمل بشكل جزئي، بينما ظل الثاني في حالة تباطؤ.

وبينما أطلق أحدهم نداء استغاثة عاجل، كانت الطائرة قد بدأت بالاقتراب من الأرض، ليشهد مراقبو الحركة الجوية لحظة سقوطها المفجعة أمام أعينهم، دون أن يتمكنوا من التدخل.

أوضح التقرير، المؤلف من 15 صفحة، أن الرحلة التي أقلعت من مدينة أحمد آباد باتجاه العاصمة البريطانية لندن كانت تقل 230 راكبًا، بينهم 169 هنديًا، و53 بريطانيًا، وسبعة برتغاليين، وكنديًا واحدًا، إضافة إلى 12 من أفراد الطاقم، لتتحول تلك الأرقام إلى قائمة موتى بفعل لحظة عبثية في نظام الوقود.

الناجي الوحيد كان بريطانيًا، خرج بأعجوبة من وسط الحطام، شاهده السكان وهو يزحف من بين النيران والركام.

لفت التقرير إلى أن الطائرة سقطت على منطقة سكنية مكتظة، ودمرت خمسة مبانٍ بالكامل، من بينها مبنى سكني مخصص لأطباء كلية الطب.

تسبب الاصطدام في موجة انفجارية هائلة، وأدى إلى إصابة عشرات من المدنيين على الأرض. التوثيق المصور الذي التُقط للحظة الحادثة، أظهر الطائرة وهي تحاول الارتفاع مجددًا قبل أن تهوي بسرعة، ثم تصطدم بالمبنى وتنفجر في كرة من النار، تملأ سماء المدينة بالدخان الأسود والجثث المتناثرة.

أشار المحققون إلى أن مفاتيح الوقود في هذا الطراز محمية آليًا من التشغيل الخاطئ، ما يعني أن تغيّر وضعها بهذه الطريقة لا يمكن أن يكون مجرد “خطأ عفوي”، وهو ما يُدخل فرضيات مثيرة حول خلل داخلي متعمد، أو فشل كارثي في التصميم. رغم ذلك، لم يجرؤ التقرير على تحميل أحد المسؤولية بعد، وترك الأمر مفتوحًا لتحقيق أوسع.

استدرك التقرير بالإشارة إلى أن شركة طيران الهند تُشغّل أسطولًا يتكوّن من أكثر من 190 طائرة، بينها 58 من طراز بوينغ، وأن الطائرة المنكوبة كانت خضعت لفحوص صيانة شاملة قبل أيام من الحادث، دون أن يُكتشف أي خلل واضح.

ومع ذلك، لم يُوصِ التقرير بأي إجراءات فورية تجاه الشركة المصنعة للطائرة أو المحركات، وهو ما أثار تساؤلات حادة حول الصمت المقصود أو الضغط من كبار مصنعي الطيران.

نوه المكتب إلى أن التحقيق لا يزال جاريًا، وأنه طلب المزيد من الأدلة من عدة جهات، من ضمنها الشركة المصنعة والمحركين وإدارة الطيران الدولية، دون تحديد جدول زمني لإعلان النتائج النهائية.

وفيما ينتظر العالم تفسيرًا رسميًا، تقف عائلات الضحايا وسط بحر من الغموض والقهر، في واحدة من أبشع كوارث الطيران التي وقعت بسبب “تحريك غامض لمفتاح وقود”.

أعلن مكتب التحقيق الهندي أنه يعمل على تحليل تسجيلات الصندوقين الأسودين بالكامل، وفحص جميع البيانات التقنية، بما في ذلك أداء الطيارين، وصلاحية المفاتيح، وبرمجيات التحكم الإلكتروني، دون أن يوضح سبب صمت الشركة عن الإبلاغ عن الحادثة فورًا أو تعليقها على الاتهامات المتداولة على نطاق واسع.

هكذا، تحوّلت ثوانٍ معدودة من الصمت داخل قمرة القيادة إلى كارثة ملتهبة، تمزقت فيها أجساد، واندثرت فيها حياة، وسقطت معها الكثير من علامات الاستفهام دون إجابة حتى اللحظة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى