حزب المؤتمر: كلمة السيسي تكشف هيمنة مصرية مدفوعة بمصالح كبرى تحت غطاء إفريقي

أكد حزب المؤتمر، في لفتة لا تخلو من التوظيف السياسي، أن الكلمة التي ألقاها عبد الفتاح السيسي خلال قمة الاتحاد الإفريقي جاءت محملة برسائل مكشوفة، استخدم فيها مفردات مطاطة لتقديم صورة مصر كمحور مركزي في أمن القارة، وتحديدًا شمالها، بينما يتجاهل الواقع الميداني والتحديات الحقيقية التي تغرق فيها بلدان عديدة تحت وطأة الفقر والنزاعات المسلحة.
لفت مراقبون إلى أن كلمة السيسي لم تكن مجرد مشاركة دبلوماسية بل بدت كعرض مسرحي مخطط بعناية لتمرير أجندة مصرية بحتة تُغلّف بخطاب إنساني وتنموي. حيث أُعيد طرح نفس العبارات المكررة حول “إعادة الإعمار” و”التنمية” و”بناء السلام”، بينما لم تتجاوز هذه الشعارات منذ سنوات حدود الكلام، دون أثر ملموس على الأرض.
زعم السيسي أن مصر تسعى لقيادة جهود إعادة الاستقرار، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد نفسها تضييقًا داخليًا، وتدهورًا اقتصاديًا خانقًا، وهو ما يطرح تساؤلات كبرى عن مصدر هذه القدرة التي يدّعي امتلاكها لتصدير حلول لقارة بأكملها.
أشار المتابعون إلى أن الحديث عن “تنفيذ فعلي” لما تسميه مصر بـ”رؤية أمنية” ما هو إلا غطاء سياسي لتوسيع نفوذها في شمال القارة الإفريقية، خصوصًا في ملفات ذات طابع استخباراتي واقتصادي شديد الحساسية، تتعلق بموارد الطاقة والمعابر الحدودية الحيوية، متجاهلًا أن تلك المناطق تعاني أصلًا من انقسامات قبلية وصراعات مسلحة لم يُحرّك تجاهها ساكنًا حقيقيًا منذ سنوات.
استرسل الخطاب الرئاسي في تمجيد دور مصر الريادي، لكنه أغفل عمدًا حقيقة أن أغلب المبادرات السابقة التي قادتها القاهرة تحت مظلة الاتحاد الإفريقي انتهت إلى حبر على ورق، دون جدية تنفيذية أو متابعة ميدانية حقيقية. والأدهى أن الحديث عن “دعم التنمية” يأتي في ظل انسحاب واضح لمصر من ملفات إنسانية ملحّة في القارة، والاكتفاء بالتصريحات اللفظية فقط.
أوضح منتقدون أن اللهجة التي استخدمت في الخطاب حملت نبرة الوصاية على إفريقيا، كأن مصر تملك الحق المطلق في تحديد أولويات القارة ومستقبلها الأمني والاقتصادي، وهو ما اعتُبر تطاولًا سياسيًا مرفوضًا من دول لم تعد تقبل هذا النوع من التوجيه غير المباشر، ولا تحتمله في مرحلة تشهد تقلبات جيوسياسية حادة.
أعلن حزب المؤتمر أن خطاب السيسي “قدّم رؤية شاملة”، لكن هذا التوصيف اعتُبر مجرد ترديد لصيغة دعائية تقليدية، تحاول الإيحاء بأن ثمة خطة عمل حقيقية بينما الواقع يُكذّب ذلك تمامًا. فلا المشروعات المزعومة انطلقت، ولا الوعود السابقة جرى تحقيق أي منها، رغم إعادة تكرارها بنفس الصياغة في أكثر من محفل قاري.
استدرك متابعون مطّلعون أن الكلمة لم تكن إلا محاولة لإعادة ترميم الصورة الدبلوماسية المصرية التي تراجعت بشدة مؤخرًا، مستندة إلى مشهد بروتوكولي في قمة إفريقية، لجني مكاسب إعلامية وشعبية داخلية، أكثر منها مبادرة فعّالة تستند إلى ميزانيات أو خطط تنموية مدروسة.
ولم تحمل الكلمة أي جديد سوى إعادة إنتاج خطاب إنشائي استُهلك حتى الملل، تروّج فيه القاهرة لنفسها كمخلّص إقليمي دون سند فعلي، وتستثمر في لحظة قارية مأزومة لتحقق مكاسب سياسية خالصة، تختبئ خلف شعارات التنمية والسلام.