حوادث وقضايا

النيابة العامة تكشف كارثة عقار نور الشريف والتنقيب عن الاثار تحت الأرض

أمرت النيابة العامة بحبس المتهمين في واقعة انهيار عقار رقم 20 بشارع محمد عنايات، بحي السيدة زينب، أربعة أيام على ذمة التحقيق، بعد أن توصلت التحقيقات إلى أن سبب الكارثة يعود إلى عمليات تنقيب غير شرعية عن الآثار أسفل العقار، جرت خلسة ودون أي ترخيص، مما أدى إلى تقويض أساسات المبنى بشكل بالغ الخطورة، وانتهى بانهياره الكامل

أكدت النيابة في قراراتها أن التحريات الأولية، وتقارير المعاينة الهندسية، أثبتت أن العقار تعرض لأعمال حفر عميقة نفذها المتهم الرئيسي و3 آخرين بغرض استخراج قطع أثرية، مستغلين حالة العقار المتهالكة وقربه من مواقع أثرية، دون أي مراعاة لسلامة السكان أو خطورة ما يقومون به. وأشارت التحقيقات إلى أن أعمال الحفر تمت باستخدام معدات بدائية لكنها وصلت لعمق يتجاوز 6 أمتار، ما أحدث فجوات تحت أساس العقار أدت لانهياره المفاجئ.

أعلنت النيابة انتشال 3 جثث حتى الآن من تحت الأنقاض، فيما لا تزال قوات الحماية المدنية تواصل أعمال البحث عن مفقودين يُعتقد أنهم تحت الركام، وسط حالة من الذعر والغضب تسود أهالي المنطقة. وأوضحت التحقيقات أن العقار كان مأهولًا بالسكان رغم صدور قرار إزالة جزئية له منذ سنوات، إلا أن هذا القرار لم يُنفذ، ما يفتح الباب لتساؤلات لا تقل خطورة حول تقاعس الجهات التنفيذية المسؤولة عن متابعة مثل هذه العقارات الآيلة للسقوط.

استدركت المصادر أن المتهمين أقروا خلال التحقيقات بنيّتهم الحصول على تماثيل حجرية يُعتقد بوجودها أسفل العقار، مشيرين إلى أنهم حصلوا على “معلومة مؤكدة” من أحد سماسرة الآثار عن وجود كنز أثري مدفون، وهو ما دفعهم لبدء الحفر سرًا منذ أكثر من شهر. وأفادت النيابة بأن أحد المتهمين يعمل “دلال آثار”، وأنه سبق اتهامه في 3 قضايا مماثلة تتعلق بالتنقيب غير المشروع.

أشارت تقارير المعمل الجنائي إلى أن التربة تحت العقار أصبحت غير مستقرة بسبب أعمال الحفر، وهو ما عجّل بانهيار المبنى دفعة واحدة دون سابق إنذار، ما يثبت أن ما جرى لم يكن حادثًا عرضيًا بل جريمة متكاملة الأركان ضد البشر والحجر. كما أمرت النيابة بفحص العقارات المجاورة للتأكد من سلامتها، خصوصًا أن المبنى المنهار يقع في منطقة شعبية ذات كثافة سكانية مرتفعة وتاريخ عمراني متآكل.

نوهت التحقيقات إلى أن السكان تقدموا بشكاوى متكررة سابقًا بسبب تصدعات في الجدران واهتزازات ليلية غامضة، لكن تلك البلاغات لم تجد استجابة جدية من الحي، ما يزيد من حجم التقصير الإداري في هذه الكارثة. كما تبين أن العقار كان يضم أكثر من 5 شقق سكنية مأهولة، بخلاف محلات تجارية في الطابق الأرضي، وأن سقوطه أوقع خسائر بشرية ومادية جسيمة، لم يُعلن عن حصرها بعد.

لفت شهود عيان إلى أن السكان شعروا باهتزازات متزايدة قبل الانهيار بيومين فقط، لكن لم يتوقع أحد أن تصل الأمور لهذه النهاية المفجعة، خصوصًا أن المنطقة شهدت في السنوات الأخيرة عدة حوادث مشابهة نتيجة التنقيب غير المشروع عن الآثار، في ظل غياب رقابة فعالة وردع قانوني صارم.

أوضح تقرير النيابة أن أحد المحبوسين أقر باستئجار شقة في الدور الأرضي لتنفيذ الحفر منها لسهولة الوصول إلى باطن الأرض، وتم العثور داخلها على أدوات الحفر اليدوي وأكياس ممتلئة بطمي مختلط بقطع فخارية. وأمرت النيابة بندب لجنة أثرية مختصة لفحص المضبوطات وتحديد طبيعتها وأهميتها الأثرية.

أعلنت النيابة استمرار التحقيقات الموسعة في الواقعة، وأمرت بسرعة ضبط وإحضار باقي المتورطين، وتكليف شرطة السياحة والآثار بتوسيع دائرة الاشتباه، خاصة بعد تكرار هذه النوعية من الجرائم، التي تهدد حياة السكان وتنهب تاريخ البلاد في آنٍ واحد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى