سجن عوفر يحتجز صحفيًا مريضًا في ظروف مهينة تفتقر للإنسانية

كشف محامي هيئة شؤون الأسرى حجم المعاناة اليومية التي يعيشها الصحفي الفلسطيني ناصر اللحام داخل جدران سجن عوفر العسكري، حيث يُحتجز في قسم 21، غرفة 19، في بيئة وصفها بـ”الخانقة” والمجردة من أي اعتبار آدمي أو إنساني.
أوضح المحامي بعد زيارته أن اللحام، البالغ من العمر 60 عامًا، لا يُعامل كإنسان ولا كمسن ولا حتى كمريض، بل يُترك بين جدران رطبة، محاطًا بزحام لا يُطاق، داخل غرفة تكاد تخلو من الهواء، لا يُسمح له بالخروج منها إلا عشر دقائق فقط في اليوم.
أكد أن القسم بأكمله مكتظ بأسرى يعانون من أمراض جلدية مزمنة دون علاج حقيقي أو بيئة نظيفة، فيما تُقدَّم وجبات طعام سيئة الجودة، يندر أن تليق بالبشر، سواء من حيث الكم أو النوع، ما يزيد من تدهور الوضع الصحي العام.
استرسل في وصف المشهد، مشيرًا إلى أن اللحام بحاجة ماسة إلى رعاية صحية عاجلة، إذ كان قبل اعتقاله يخضع لعلاج مكثف لأمراض القلب، وأُجريت له عمليات معقدة تضمنت زراعة ست شبكيات قلبية، ورغم حصوله على بعض أدويته داخل المعتقل، إلا أن ما يتعرض له حاليًا لا يمكن اعتباره علاجًا، بل هو تهديد صريح لحياته.
لفت إلى أن هذا الوضع الصحي الخطير يجري التعامل معه بإهمال متعمد، وكأن الغاية منه ليست سوى دفع الحالة إلى مزيد من التدهور البطيء. ليست المسألة فقط في الأدوية، بل في غياب البيئة الصحية، غياب المستلزمات الأساسية، وغياب الرعاية الطبية الحقيقية التي يحتاجها مريض قلب بهذا العمر.
أشار إلى أن اللحام لا يزال محتجزًا دون تهمة واضحة حتى اللحظة، حيث عُرض على المحكمة العسكرية، وتم تمديد احتجازه لثلاثة أيام إضافية، رغم أن اعتقاله تم منذ يوم 7 من الشهر، ما يعني أن سلطات السجن تتعمد إبقاءه في هذه الظروف دون أي مبرر قانوني واضح، سوى إبقائه في هذه الدوامة القاسية.
أعلن أن ما يمر به اللحام ليس مجرد حرمان من الحرية، بل هو حصار داخلي على كافة المستويات: الصحية، الجسدية، النفسية، والغذائية.
وصف اللحظات القليلة التي يُسمح فيها له بالخروج من الغرفة بأنها لا تتجاوز “كسر القيود لثوانٍ”، حيث لا تكفي حتى لتجديد الدورة الدموية أو التنفس بشكل طبيعي، ما يحوّل السجن إلى مساحة ضغط متواصل ومُنهك.
نوه إلى أن ما يجري مع اللحام ليس حالة فردية، بل هو انعكاس لنمط ثابت من المعاملة داخل أقسام الاحتجاز، خاصة تلك التي تضم كبار السن والمرضى، والذين يُتركون لمصيرهم دون أدنى التفات لحقوقهم أو أوضاعهم الصحية.
استدرك أن اللحام، رغم عمره ووضعه الطبي المعقد، لا يُعامل بحد أدنى من الإنسانية، بل يُطحن يوميًا وسط غرفة مزدحمة في قسم يعجّ بالألم والإهمال، فيما تتعمد الجهات المسؤولة تأخير أي إجراء قد يُسهم في تحسين وضعه أو نقله إلى مكان يمكن أن يُنقذ حياته.
أردف أن استمرار هذا النمط من الاحتجاز ليس فقط خرقًا للأخلاقيات، بل هو نموذج فجّ للإذلال والتنكيل، حيث تُحوّل معاناة رجل مريض إلى وسيلة عقاب، تُمارَس يومًا بيوم، ودقيقة بدقيقة؛ وبهذا الشكل، يتحوّل سجن عوفر من منشأة احتجاز إلى مكان يُسحق فيه الجسد، وتُهدر فيه الكرامة، بلا مساءلة أو رادع.