خطة حكومية شاملة لإنقاذ الإسكندرية من أزمة العقارات المتهالكة وتطوير المناطق العمرانية القديمة

أطلقت الجهات المختصة خطة حكومية طموحة تهدف إلى معالجة مشكلة العقارات الآيلة للسقوط في مدينة الإسكندرية، والتي باتت تشكل تهديداً واضحاً على سلامة السكان وتؤثر سلباً على المشهد العمراني والمجتمعي في المدينة.
تستهدف هذه المبادرة معالجة آلاف العقارات القديمة التي تعاني من تدهور هيكلي حاد، بالإضافة إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان من خلال توفير وحدات سكنية حديثة وآمنة.
تُعد هذه الخطة جزءًا من مبادرة وطنية موسعة تهدف إلى تطوير المناطق السكنية القديمة في عدة محافظات، مع التركيز بشكل خاص على المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية العالية. وفي الإسكندرية، تم تخصيص خطة لحصر أكثر من 7500 عقار معرض للخطر، بحيث تتم دراستها وإدراجها ضمن إجراءات الترميم أو الإزالة والإحلال.
تقوم الخطة على عدة محاور رئيسية تبدأ بحصر شامل ودقيق للعقارات المتهالكة عبر فرق فنية متخصصة، تقوم بتقييم حالة كل مبنى وتحديد مدى الخطورة التي يشكلها على السكان والمارة. بناءً على هذه الدراسات، يتم تصنيف العقارات إلى فئات تتراوح بين الترميم الجزئي، والإزالة والإحلال الكامل، مع وضع جداول زمنية واضحة للتنفيذ.
من أهم أهداف الخطة توفير وحدات سكنية جديدة لتعويض السكان الذين ستطال منازلهم عمليات الإزالة، حيث يتم بناء وحدات سكنية تصل إلى 60 وحدة في كل مشروع تطويري على الأراضي التي يتم استصلاحها أو تفريغها نتيجة الإزالة. يتم تجهيز هذه الوحدات بمرافق حديثة تضمن بيئة سكنية آمنة وصحية، مع التركيز على تحسين البنية التحتية والخدمات المجتمعية.
تكتسب هذه الخطة أهمية كبيرة في ظل ارتفاع المخاطر الناتجة عن استمرار بقاء عقارات غير صالحة للسكن، خصوصًا مع تعرض المدينة لظروف مناخية تؤثر على استقرار المباني القديمة. كما أن هذه المبادرة تتوافق مع توجهات الدولة الرامية إلى تحسين جودة الحياة والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين، فضلاً عن تعزيز السلامة العامة وتقليل الحوادث التي قد تنجم عن انهيارات مفاجئة.
تشير المصادر إلى أن تنفيذ الخطة سيبدأ تدريجياً، مع إشراك المجتمعات المحلية لضمان التفاهم والتعاون مع السكان، وحل الإشكاليات التي قد تنشأ خلال عمليات الإزالة والإحلال. كما سيتم رصد الأداء بشكل مستمر لضمان تحقيق الأهداف المرجوة في الوقت المحدد.
بالتالي، تمثل هذه الخطوة الحكومية محاولة جادة وعملية لمواجهة أزمة عمرانية خطيرة، وتحويل المناطق القديمة إلى مجتمعات سكنية متطورة تواكب متطلبات العصر، وتحافظ على التراث العمراني للمدينة بطريقة مستدامة. ويأمل الجميع أن تكون هذه المبادرة نموذجاً يحتذى به في مدن أخرى تعاني من مشاكل مماثلة، لتطوير منظومة السكن الحضري بشكل شامل ومستدام.
في ضوء ما سبق، تبقى متابعة تنفيذ هذه الخطة وتقييم نتائجها على الأرض أمرًا حيويًا لمتابعة مدى نجاحها في تحقيق أهدافها الطموحة، وللتأكد من الحفاظ على أمن وسلامة السكان وتحسين جودة حياتهم في واحدة من أهم مدن الساحل الشمالي للبلاد.