أحزاب وبيانات

الوفد يوحّد صفوفه ويطلق مرحلة جديدة استعدادًا للمعركة البرلمانية

في خطوة تعكس نضجًا سياسيًا وقدرة على إدارة التوازنات الداخلية، تراجعت الهيئة العليا لحزب الوفد عن طرح الثقة في رئيس الحزب، وقررت بدلاً من ذلك تشكيل لجنة تتولى ملف الاستعدادات للانتخابات البرلمانية المقبلة.

وأكد قيادي في حزب الوفد رفض ذكر أسمه القرار يشير إلى تغليب مصلحة الكيان الحزبي على الخلافات، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التحرك المنظم استعدادًا للاستحقاق النيابي المرتقب نهاية العام.

التحول المفاجئ في موقف الهيئة لم يكن وليد اللحظة، بل جاء بعد مشاورات مكثفة أظهرت إدراكًا لأهمية الحفاظ على وحدة الحزب التاريخي في هذه المرحلة المفصلية.

التوافق الذي انتهت إليه الاجتماعات الداخلية يعكس قدرة القيادة الحالية على امتصاص الضغوط، وإعادة توجيه دفة الحوار نحو العمل المشترك، دون الدخول في مسارات انقسامية كانت ستؤثر سلبًا على مكانة الحزب في الشارع السياسي.

إعادة ترتيب البيت الداخلي:

من خلال تشكيل لجنة مختصة بإدارة التحضيرات الانتخابية، يُظهر الحزب توجهًا عمليًا للتركيز على الملفات الكبرى بدلًا من الانشغال بالسجالات التنظيمية.

وتُعد هذه الخطوة مؤشرًا على نضج مؤسسي يتطلبه أي حزب يسعى للاستمرار في المشهد السياسي بثقة وثبات.

وأكد مصدر رفيع المستوي في حزب الوفد يُحسب لقيادة الحزب الدكتور عبدالسند يمامة – التي تعرضت خلال الفترة الماضية لموجة من الانتقادات – نجاحها في تجاوز لحظة حرجة، وتحويلها إلى فرصة لإعادة تنظيم الصفوف.

وأضاف ذات المصدر إذ يبدو أن الرؤية الهادئة التي اعتمدتها القيادة، بعيدًا عن التصعيد أو ردود الفعل المتشنجة، قد أسهمت في تعزيز مناخ التهدئة وإعادة بناء الثقة.

ما وراء القرار:

في ظل أجواء الاستعداد للانتخابات النيابية، كان لا بد من تحرك سريع يمنع انزلاق الحزب إلى معارك داخلية تستنزف طاقاته.

وقد جاء القرار بألغاء طرح الثقة ليؤكد أن هناك حرصًا حقيقيًا على عدم تفويت فرصة المشاركة بفعالية في رسم الخريطة البرلمانية المقبلة.

الرسالة التي بعث بها الحزب، عبر هذا القرار، تتجاوز حدوده التنظيمية، وتصل إلى الرأي العام كدليل على التزامه بالاستقرار والبناء المؤسساتي. وهي رسالة تُقرأ أيضًا في سياق أوسع، يؤكد أن الوفد، رغم التحديات، لا يزال رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية.

قيادة تعرف متى تتراجع لتتقدم:

وأوضح المصدر من اللافت في هذا السياق أن القيادة الحالية – دون ضجيج أو افتعال بطولات – استطاعت أن تنقل دفة النقاش من منطق المواجهة إلى منطق العمل. وربما يعود ذلك إلى إدراك عميق لطبيعة التحديات المقبلة، وإلى أسلوب إداري يُراكم الإنجاز بصمت، ويفضل البناء المؤسسي على التصريحات الاستعراضية.

ومع بداية مرحلة التحضير الانتخابي، تتجه الأنظار إلى الأداء المرتقب للجنة المكلفة، ومدى قدرتها على ترجمة هذا التوافق الداخلي إلى نتائج ملموسة على الأرض. لكن الثابت أن الحفاظ على وحدة الحزب، واستعادة حيويته، ما كان ليحدث دون قيادة تملك حس التوقيت، وتُحسن قراءة المشهد السياسي بعين باردة.

بهذا التوجه الجديد، يبدو أن حزب الوفد لا يُراهن فقط على تاريخه العريق، بل يسعى لاستثمار قدراته التنظيمية وكوادره السياسية لخوض الانتخابات المقبلة بثقة واستعداد مختلف، تحت إشراف قيادة تُجيد التهدئة بقدر ما تُتقن الحسم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى