ملفات وتقارير

70 مليون لشراء مقعد نائب وفضائح المال تحاصر برلمان مصر المقبل

تعيش الساحة السياسية في مصر حالة من الغليان مع اقتراب موعد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ وسط أجواء يطغى عليها المال السياسي وتحالفات حزبية موالية للسلطة حيث تحولت العملية الانتخابية إلى ساحة تنافس محمومة على المقاعد المضمونة داخل القوائم المغلقة المدعومة من النظام وتحديدا تلك المعروفة بالقائمة الوطنية التي تضم تشكيلات حزبية متعددة من أبرزها الأحزاب ذات النفوذ الكبير في دوائر السلطة

مصادر سياسية مطلعة كشفت أن الدخول إلى هذه القوائم لا يتم إلا عبر مساهمات مالية ضخمة تقدم مباشرة لصندوق حكومي سيادي ما يضع تساؤلات عدة حول الشفافية في تمويل الحملات الانتخابية ويعكس طبيعة المشهد البرلماني المقبل القائم على المساومات المالية لا على البرامج السياسية أو الكفاءة التشريعية

وبحسب تقديرات متداولة فإن تكلفة الترشح على القوائم تصل إلى أرقام خيالية حيث يبلغ ما يدفعه المرشح لمقعد في مجلس الشيوخ قرابة ثلاثين مليون جنيه فيما تصل تكلفة الترشح لمجلس النواب إلى سبعين مليون جنيه أما التعيينات فتتطلب مساهمات لا تقل عن خمسين مليون جنيه وهو ما يكشف بوضوح عن حجم النفوذ المالي المطلوب للعبور إلى البرلمان المقبل

المرحلة الأولى من العملية الانتخابية تشهد اضطرابات لافتة نتيجة غياب التوافق داخل القوائم وضعف التنسيق بين المرشحين ما يدفع البعض منهم إلى الدخول في صفقات جانبية خلال جولات الإعادة تشمل تقاسم الكُلفة المادية للحملة في ظل ارتفاع سعر الصوت الانتخابي والذي بلغ متوسطه 250 جنيها يتضمن مبلغا نقديا بالإضافة إلى مواد غذائية تقدم للناخبين الفقراء في صورة كرتونة تحتوي على سلع أساسية

وتدير هذه العمليات الانتخابية شبكات محلية منسقة بعناية يشرف على كل منها أشخاص محددون يتولون مسؤولية أكثر من لجنة انتخابية واحدة بهدف ضمان توزيع الأموال والمواد الغذائية بصورة تضمن أكبر قدر من التأثير المباشر على خيارات الناخبين في الأحياء والمراكز الريفية والفقيرة

اللافت أن هذه الممارسات بحسب مصادر مطلعة تجري بعلم ورضا عدد من الجهات الرسمية إذ لا توجد مؤشرات على وجود إرادة سياسية حقيقية لوقف هذه الانتهاكات الانتخابية الأمر الذي يطرح مخاوف جدية من أن تكون الانتخابات المقبلة مجرد إعادة تدوير للنخب القديمة بواجهة مالية جديدة

ويرى مراقبون أن المال السياسي بات هو العنصر الحاسم في تشكيل المجالس التشريعية في مصر مما يقوض مبادئ الديمقراطية ويجعل العملية الانتخابية شكلية لا تتجاوز كونها توزيعًا محسوبًا للمقاعد بين فئات مقربة من السلطة ممن يمتلكون النفوذ والمال اللازمين للعبور من بوابة البرلمان

في ظل هذه المعطيات يظل المواطن العادي في موقع المتلقي غير القادر على التأثير أو المنافسة في ظل منظومة انتخابية مغلقة تتحكم بها شبكات المصالح الاقتصادية والحزبية فيما تبقى قضايا الإصلاح الحقيقي والتمثيل الشعبي مجرد شعارات تتردد في وسائل الإعلام دون أن تجد لها صدى على أرض الواقع

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى