الأمم المتحدة تنتقد انتهاكات مصر لحقوق البهائيين وتدعو لإنهاء التمييز

شهدت الساحة الحقوقية الدولية تطورًا لافتًا في ملف الحريات الدينية في مصر بعد تحرك غير مسبوق من جانب عدد من خبراء الأمم المتحدة الذين وجهوا رسالة مشتركة للحكومة المصرية في أبريل 2025 أعربوا فيها عن قلقهم العميق من استمرار نمط منظم من التمييز ضد المواطنين البهائيين في البلاد وهي خطوة أثارت تفاعلات واسعة داخل الأوساط الحقوقية والدبلوماسية
الرسالة الموقعة من قبل ستة مقررين خاصين وخمسة أعضاء من الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة جاءت لتسلط الضوء على انتهاكات متعددة تعرّض لها البهائيون في مصر من بينها منعهم من تسجيل زيجاتهم وحرمانهم من استخراج الوثائق الرسمية ورفض تخصيص مقابر لهم بالإضافة إلى تضييقات أمنية تشمل المراقبة والاحتجاز والملاحقة دون مسوغ قانوني واضح
من أبرز القضايا التي تناولها التقرير الأممي حالات الإقصاء الإداري والاجتماعي التي يواجهها البهائيون نتيجة إجبارهم على ترك خانة الديانة فارغة أو الإشارة إليها بعلامة (-) في بطاقات الهوية وهو ما يحرمهم فعليًا من حقهم في التعليم والعمل والرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى كما وثّق التقرير حالات تفريق قسري لأسر بهائية ومنع الأزواج من توثيق زواجهم مما يؤدي إلى مشكلات قانونية ومدنية تتعلق بالجنسية والميراث وحقوق الأطفال
كما أثار التقرير قضية اعتقال المواطن التركي أوميد سيوشانسيان عند وصوله إلى مطار القاهرة في ديسمبر 2024 حيث تم احتجازه وتقييد حريته والتحقيق معه بطريقة وصفت بأنها مسيئة دون تقديم أي سند قانوني لاحتجازه سوى زيارته لأفراد من الطائفة البهائية وهو ما اعتبره الخبراء مثالًا صارخًا على الاضطهاد القائم على المعتقد الديني
رغم هذه الاتهامات الجادة ردت الحكومة المصرية على الرسالة الأممية في مايو 2025 بنفي جميع المزاعم وأكدت التزامها الكامل بالدستور الوطني الذي ينص على حرية العقيدة مشيرة إلى أن القوانين المصرية لا تميّز بين المواطنين على أساس الدين أو الانتماء الفكري كما أكدت أن الإجراءات الإدارية الخاصة بالمقابر والهويات والجنسيات تُطبق وفقًا لضوابط عامة تشمل جميع المواطنين
إلا أن رد الحكومة لم يبدد مخاوف الخبراء الدوليين الذين اعتبروا أن هذه الانتهاكات تشكل نمطًا منظمًا يهدف إلى تهميش البهائيين وإقصائهم من الفضاء العام في مخالفة واضحة للالتزامات الدولية الموقعة عليها مصر وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان
في السياق نفسه أشار تقرير صادر عن منظمة Baha’i International Community إلى أن استمرار سياسات التمييز والاضطهاد بحق البهائيين في مصر لا يتماشى مع التوجهات الإقليمية الأخيرة التي تشجع على التسامح والتعددية الدينية في عدد من دول الشرق الأوسط ما يعكس تناقضًا واضحًا بين الخطاب الرسمي المصري الذي يروج لقيم المواطنة وواقع الممارسات على الأرض
المجتمع الدولي يترقب ما إذا كانت القاهرة ستستجيب لدعوات الإصلاح والالتزام بالمعايير الحقوقية الدولية أم ستستمر في تجاهلها لهذه الانتقادات التي تمس أحد أبرز الملفات الحساسة المرتبطة بالحريات الدينية وحقوق الأقليات الدينية في البلاد في ظل استمرار التوثيق الحقوقي للانتهاكات وتزايد الضغط الدبلوماسي من قبل أطراف دولية مختلفة تطالب بوقف كافة أشكال التمييز ضد المواطنين البهائيين وإعادة الاعتبار لحقوقهم المدنية والدينية الكاملة