حقوق وحريات

ارتفاع وفيات الأطفال جراء الجوع في غزة وسط تفاقم الأزمة الصحية والإنسانية

تشهد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تدهورًا غير مسبوق مع تزايد معدلات الوفاة بين الأطفال والبالغين نتيجة نقص الغذاء الحاد وتدهور الرعاية الصحية إذ أعلنت وزارة الصحة المحلية في القطاع عن وفاة 76 طفلًا و10 بالغين بسبب الجوع وسوء التغذية في مشهد يعكس عمق الكارثة التي تتفاقم يومًا بعد آخر وسط عجز دولي عن وقف التدهور وغياب حلول عاجلة للحد من المأساة المتصاعدة

الأرقام الصادمة التي أعلنتها وزارة الصحة لا تمثل سوى جزء يسير من الواقع القاتم الذي يعيشه سكان القطاع الذين يعانون من حصار مستمر وقيود مشددة على إدخال المساعدات الإنسانية ما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والماء والدواء وخصوصًا في المناطق الشمالية من القطاع التي تصفها جهات الإغاثة بأنها منكوبة بالكامل وتفتقر إلى أي بنية تحتية صحية أو خدمات لوجستية تمكن من تقديم الرعاية الأولية للأطفال وكبار السن والمرضى

تقرير صادر عن منظمة اليونيسف أشار إلى أن ما لا يقل عن 90 بالمئة من الأطفال في غزة لا يتلقون الحد الأدنى من التغذية اليومية المناسبة وأن نسبة كبيرة منهم يعانون من الهزال الحاد بسبب النقص المزمن في الغذاء ونقص الرضاعة الطبيعية في بيئة غير آمنة وانعدام الأمن الغذائي الشديد كما حذرت المنظمة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي إلى زيادة معدلات الوفاة بين الأطفال بشكل دراماتيكي في الأسابيع المقبلة

وتؤكد مؤسسات طبية عاملة داخل القطاع أن المشافي الميدانية لم تعد قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الحالات التي تصل في حالات حرجة بسبب مضاعفات الجوع وسوء التغذية الحاد لا سيما في ظل نقص المحاليل الوريدية والأدوية الأساسية وتدهور شبكات الصرف الصحي ما يزيد من احتمالات انتشار الأمراض المعدية وضعف المناعة بين السكان

على الجانب الآخر تشهد عمليات إدخال المساعدات الإنسانية تباطؤًا شديدًا بسبب القيود المفروضة على المعابر والمعوقات اللوجستية التي تحول دون وصول المواد الغذائية والأدوية إلى المناطق الأكثر احتياجًا ما يعمق من الكارثة ويجعل الجهود الإغاثية غير فعالة أمام حجم الاحتياج الهائل

المراقبون يرون أن الوضع في غزة تجاوز حدود الكارثة الإنسانية التقليدية وأصبح يدخل في نطاق المجاعة المركبة التي تضرب كل مظاهر الحياة في القطاع حيث لا يجد السكان قوت يومهم ولا خدمات طبية ولا مياهًا صالحة للشرب في ظل انهيار تام للبنية التحتية وعجز المؤسسات المحلية عن تقديم أي نوع من الحماية أو الدعم

وتشير تقديرات ميدانية إلى أن آلاف الأطفال الآخرين يواجهون خطر الوفاة خلال الأيام القادمة إذا لم يتم اتخاذ خطوات فورية وفعالة من قبل المجتمع الدولي لتأمين ممرات إنسانية دائمة وتسهيل إدخال الغذاء والمستلزمات الطبية بشكل منتظم وآمن إلى كافة مناطق القطاع بدون استثناء

الوضع في غزة لا يبدو أنه يتجه إلى التحسن في الأفق القريب ما لم تحدث انفراجة سياسية أو تحرك دولي جاد لإنقاذ أرواح المدنيين الذين يدفعون ثمن النزاعات المتواصلة في منطقة أنهكها الحصار والانقسام والحروب المتكررة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى