اقتصاد

مصر تواجه ضغوطًا مالية مع ارتفاع تكلفة خدمة الدين العام

تشير بيانات حديثة صادرة عن وكالة موديز للتصنيف الائتماني إلى أن مصر تواجه تحديات مالية كبيرة مع استمرار ارتفاع تكلفة خدمة الدين العام حيث استحوذت فوائد الديون على نحو 60 في المئة من إجمالي الإيرادات الحكومية خلال العام المالي المنتهي في مايو وهو ما يضع البلاد بين أعلى النسب عالميًا في هذا المؤشر الحساس

هذا المعدل المرتفع يعكس عبئًا متزايدًا على الموازنة العامة ويحد من قدرة الدولة على توجيه الإنفاق نحو القطاعات الإنتاجية والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية ما يثير تساؤلات جدية حول الاستدامة المالية في المدى المتوسط

ورغم الخطوات التي اتخذتها الحكومة المصرية في الفترة الأخيرة على صعيد السياسات النقدية وسعر الصرف في إطار تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي واسع بدعم من صندوق النقد الدولي فإن التقرير الصادر عن موديز يستبعد تحسنًا كبيرًا في قدرة الدولة على تحمل أعباء الدين في الأجل المتوسط نظرًا لاستمرار ارتفاع مستويات الدين الخارجي والداخلي وتزايد تكاليف الاقتراض في ظل الظروف الاقتصادية العالمية غير المستقرة

الخبراء يرون أن السبب الجوهري في هذه الأزمة يعود إلى تراكم الدين العام على مدار سنوات مع الاعتماد المكثف على الاقتراض الخارجي لتمويل مشروعات تنموية كبرى إضافة إلى تراجع موارد الدولة من العملات الأجنبية بسبب انخفاض عائدات السياحة وتحويلات العاملين بالخارج إلى جانب تداعيات الأزمات العالمية التي أثرت سلبًا على أسعار الغذاء والطاقة

كما تشير تقديرات وزارة المالية إلى أن حجم خدمة الدين يمثل أكبر بند إنفاق في الموازنة العامة متجاوزًا مخصصات الدعم والمرتبات وهو ما يجعل الدولة في موقف دقيق يستلزم إعادة هيكلة شاملة للمالية العامة بالتوازي مع تحسين مناخ الاستثمار وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي

وتتفق تقارير مؤسسات دولية أخرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على أن الإصلاحات المالية وحدها لن تكون كافية ما لم تترافق مع سياسات اقتصادية تعزز الإنتاجية وتقلل الاعتماد على الاقتراض لتمويل العجز المزمن

وفي هذا السياق تعمل الحكومة على تنفيذ حزمة من الإجراءات الهادفة إلى خفض معدلات العجز من خلال زيادة الإيرادات الضريبية وتوسيع القاعدة الضريبية دون فرض أعباء جديدة على المواطنين فضلًا عن تحسين كفاءة الإنفاق العام وتقليص النفقات غير الضرورية

كما أن تعزيز الشفافية في إدارة الديون وتنويع مصادر التمويل يمثلان عاملين أساسيين في استراتيجية الحكومة لضبط أوضاع المالية العامة في ظل التحديات المتراكمة

ومن المرجح أن يستمر الوضع المالي الضاغط خلال السنوات المقبلة ما لم تنجح الدولة في تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل قادر على توليد إيرادات مستدامة وتخفيف الحاجة إلى مزيد من الاقتراض الخارجي

ويُعد التقرير الأخير لوكالة موديز بمثابة إنذار مبكر بضرورة تسريع الإصلاحات الاقتصادية والمالية لتفادي تفاقم الأزمة وضمان الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد في الأمدين المتوسط والبعيد

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى