أخبار العالم

إيران تستأنف المحادثات النووية مع أوروبا في إسطنبول وسط توتر متصاعد

تستعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لخوض جولة جديدة من المحادثات النووية مع ثلاث دول أوروبية في مدينة إسطنبول التركية يوم الجمعة المقبل في إطار محاولات إحياء المسار الدبلوماسي المتعثر بعد فترة طويلة من الجمود السياسي والتصعيد العسكري الإقليمي

وتأتي هذه التطورات في أعقاب اتصالات مكثفة بين طهران وعواصم أوروبية شملت لندن وباريس وبرلين إضافة إلى مشاركة مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي حيث أبدت الأطراف الأوروبية قلقها المتزايد من تباطؤ طهران في العودة إلى طاولة المفاوضات ملوحة بتفعيل آلية العودة السريعة للعقوبات المعروفة بـسناب باك والتي سبق الاتفاق عليها في إطار اتفاق عام 2015

اللقاء المرتقب في إسطنبول يمثل تحولا لافتا في موقف إيران التي بدت مؤخرا أكثر إصرارا على انتزاع حقوقها النووية بعد التصعيد العسكري غير المسبوق الذي شهدته المنطقة الشهر الماضي عندما شنت إسرائيل عمليات جوية خاطفة استهدفت منشآت نووية داخل الأراضي الإيرانية وأسفرت عن توقف كامل في قنوات التفاوض التي كانت تُجرى سرا بوساطة سلطنة عمان بين إيران والولايات المتحدة

التحول في الموقف الإيراني بدا واضحا من خلال التصريحات الرسمية التي أكدت أن طهران ستخوض المباحثات من موقع قوة وبنهج تفاوضي أكثر صرامة في ضوء المعطيات الجديدة على الأرض كما شددت على ضرورة أن تدرك القوى الأوروبية حدود ما يمكن لطهران قبوله في أي اتفاق مستقبلي

الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى والمعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة كان قد فرض قيودا مشددة على البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف ملموس للعقوبات الغربية لكن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018 أعاد الأزمة إلى نقطة الصفر وفتح الباب أمام سلسلة من التطورات السلبية

تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أشار مؤخرا إلى أن إيران واصلت توسيع أنشطتها النووية بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بنسبة تقترب من مستوى الاستخدام العسكري وهو ما اعتبره المجتمع الدولي مؤشرا خطيرا على احتمالية انهيار الاتفاق بشكل كامل ما لم تُستأنف المفاوضات بشكل جدي

وتسعى إيران حاليا إلى استغلال الظرف الإقليمي والدولي لإعادة بناء نفوذها التفاوضي مدفوعة بتأييد شعبي داخلي واسع لمبدأ الحفاظ على الحقوق السيادية في المجال النووي إلى جانب تعزيز علاقاتها مع قوى آسيوية كبرى وهو ما يضع ضغوطا إضافية على الدول الأوروبية التي تخشى من فقدان السيطرة على مسار التفاوض

المراقبون يرون أن اجتماع إسطنبول المقبل سيكون اختبارا حقيقيا لجدية الأطراف الأوروبية في إنقاذ الاتفاق النووي كما سيكون بمثابة مؤشر أولي على ما إذا كانت إيران مستعدة للتوصل إلى تفاهمات جديدة ضمن سقف مصالحها الوطنية دون تقديم تنازلات جوهرية

في ظل هذا المشهد المعقد تبقى كل الاحتمالات مفتوحة ما بين العودة إلى المسار الدبلوماسي أو الانزلاق نحو مواجهة أوسع في حال فشلت الأطراف في إعادة بناء الثقة المفقودة منذ سنوات

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى