حقوق وحريات

تقرير حقوقي يوثق آلاف حالات الاختفاء القسري في شمال سيناء منذ 2013

رغم النفي الحكومي المتكرر ما تزال قضية الاختفاء القسري في شمال سيناء تثير الجدل وتسلط الضوء على انتهاكات متواصلة منذ سنوات فقد كشفت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان في تقرير شامل عن تسجيل ما بين ثلاثة آلاف إلى ثلاثة آلاف وخمسمئة حالة اختفاء قسري في هذه المحافظة الممتدة شرق مصر وذلك خلال الفترة بين عامي 2013 و2025 وسط تعتيم رسمي وغياب أي مساءلة فعلية

التقرير الذي صدر تحت عنوان يعكس فداحة الواقع تحدث عن ممارسات ممنهجة وواسعة النطاق تم فيها احتجاز مدنيين في مواقع غير رسمية بدون إجراءات قانونية واضحة أو توجيه اتهامات محددة كما أشار التقرير إلى أن أغلب هذه الحالات وقعت في مناطق النزاع والنشاط الأمني المكثف مثل رفح والشيخ زويد والعريش وامتدت لاحقًا إلى مناطق غرب المحافظة مثل بئر العبد وجلبانة

واعتمد التقرير على شهادات متنوعة من أكثر من أربعين مصدرًا من بينهم نشطاء محليون وزعماء قبليون تم اختيارهم بناء على صلتهم المباشرة أو غير المباشرة بملفات الانتهاكات إذ أجمعت معظم الإفادات على أن الاختفاءات جاءت في سياق حملات أمنية متكررة أو من خلال استدعاءات للتحقيق لا يعود بعدها المواطنون إلى منازلهم بل ينقطع أثرهم بالكامل

وأكدت المنظمة في تقريرها أن الوضع الأمني في شمال سيناء قد شكّل غطاءً واسعًا لانتهاك حقوق الإنسان حيث تم استخدام الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش كأداة لاعتقال المواطنين أو احتجازهم لساعات طويلة دون أي إشراف قضائي كما تضمن التقرير شهادات توثق تعرض المعتقلين لأشكال متعددة من التعذيب وسوء المعاملة تضمنت الصعق الكهربائي والضرب المبرح والتعليق لفترات مطولة والحرمان من الرعاية الطبية إلى جانب تهديدات ذات طابع جنسي ضد الضحايا أو ذويهم

وفي خلفية المشهد أشار التقرير إلى غياب كامل للشفافية الرسمية بشأن هذه الانتهاكات إذ لم تصدر الجهات الحكومية أي بيانات توضح مصير المختفين أو تعترف بوقوع احتجازات خارج نطاق القانون كما لم يتم فتح أي تحقيق مستقل أو السماح للمنظمات الدولية والمحلية بالدخول إلى مواقع الاحتجاز للتحقق من الوضع

المنظمة الحقوقية أكدت أن هذه الانتهاكات تأتي في سياق أوسع من سياسات أمنية تغيب عنها الضمانات القانونية والرقابة القضائية ما أدى إلى خلق بيئة يسهل فيها الإخفاء القسري وتفشي الخوف في صفوف السكان المدنيين في المحافظة التي تعاني من تداعيات النزاع المسلح منذ سنوات

وتُعد هذه المعطيات من أخطر ما تم توثيقه خلال العقد الأخير في ملف حقوق الإنسان في مصر حيث يشير التقرير إلى أن غياب آليات المساءلة القضائية ورفض الحكومة فتح أي قنوات تواصل مع منظمات المجتمع المدني المستقلة يزيد من عمق الأزمة ويترك عائلات الضحايا في حالة دائمة من الانتظار والقلق ويقوض أي فرصة لتحقيق العدالة

ورغم قسوة التفاصيل وشهادات الناجين والناجيات إلا أن التقرير يسعى أيضًا إلى تسليط الضوء على ضرورة فتح باب الأمل لعائلات المختفين من خلال دعم جهود التوثيق والمساءلة واستمرار الضغط الدولي والمحلي لكشف الحقيقة وإيقاف الانتهاكات القائمة في واحدة من أكثر القضايا الإنسانية إلحاحًا في البلاد

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى