ضغوط عليا دفعت الأزهر لسحب بيان غزة خشية التأثير الدبلوماسي

في تطور جديد يعكس حساسية الموقف السياسي المصري تجاه الملف الفلسطيني كشفت مصادر مطلعة عن تعرض مؤسسة الأزهر الشريف لضغوط شديدة من جهات سيادية عليا أسفرت عن سحب بيان رسمي كان قد نُشر الصفحة الرسمية للأزهر الشريف يتناول فيه الأزهر المجاعة المتفاقمة في قطاع غزة والجرائم المرتكبة بحق المدنيين هناك
البيان الذي أثار جدلًا واسعًا بعد سحبه فور نشره اعتُبر من أشد المواقف الصادرة عن الأزهر خلال السنوات الأخيرة خاصة في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة منذ اندلاع الحرب الأخيرة حيث تضمن لغة مباشرة في إدانة الاحتلال الإسرائيلي واتهامه بارتكاب جريمة إبادة جماعية منظمة ضد سكان القطاع المحاصر
مصادر مطلعة أفادت أن البيان الذي انتشر على نطاق واسع في اللحظات الأولى من نشره قد حُذف لاحقًا بناءً على توجيهات صدرت إلى شيخ الأزهر مباشرة وذلك بعد تدخل من جهات عليا في الدولة المصرية أشارت إلى أن توقيت البيان يتعارض مع جهود القاهرة الدبلوماسية التي تسعى للحفاظ على دورها كوسيط رئيسي في مفاوضات التهدئة بين المقاومة الفلسطينية والجانب الإسرائيلي
وفقًا للتسريبات فقد تم إبلاغ شيخ الأزهر بأن الدولة تمر بمرحلة دقيقة تستدعي ضبط الخطاب الصادر عن المؤسسات الرسمية والدينية تفاديًا لأي تصعيد قد ينعكس سلبًا على الجهود السياسية والأمنية التي تبذلها مصر في هذا الملف الحساس
وفي حين لم يُنشر البيان مرة أخرى على المنصات الرسمية بعد حذفه إلا أن نصه الكامل تم تداوله عبر وسائل غير رسمية حيث تضمّن نداءً عالميًا لإنقاذ سكان غزة من المجاعة القاتلة واتهامًا صريحًا للكيان الإسرائيلي بقتل الأطفال الأبرياء عمدًا واستخدام سلاح التجويع كأداة إبادة بحق شعب أعزل يعاني من الجوع ونفاد الإمدادات الطبية والمياه
كما حمل البيان رسالة شديدة اللهجة تجاه القوى الدولية المتقاعسة بحسب وصفه وأدان بشدة كل من يبرر هذا العدوان أو يساهم فيه سياسيًا أو عسكريًا مطالبًا بتدخل فوري من القوى المؤثرة لإدخال المساعدات ووقف عمليات القتل واستهداف المنشآت الطبية والإنسانية
هذا الموقف من الأزهر رغم التراجع عنه علنًا أعاد تسليط الضوء على الدور المتباين الذي تلعبه المؤسسات الدينية في مصر وسط تعقيدات المشهد الإقليمي حيث يُنظر إلى الأزهر باعتباره صوتًا أخلاقيًا ودينيًا يعكس نبض الشعوب الإسلامية في القضايا الكبرى وعلى رأسها القضية الفلسطينية
كما يعكس الحادث حجم الحرج الذي تواجهه الدولة المصرية بين رغبتها في الحفاظ على علاقاتها الدولية وتحالفاتها الإقليمية من جهة وبين ضغط الرأي العام الداخلي المتعاطف بشدة مع الشعب الفلسطيني من جهة أخرى الأمر الذي يجعل أي موقف علني من مؤسسة كبرى كالأزهر عرضة للتقاطع بين السياسة والدين والمصالح
ورغم حجب البيان تظل رسالته الأخلاقية قائمة في وجدان الشارع المصري والعربي لا سيما أن الأزهر نادرًا ما يصدر مواقف بهذا القدر من الصراحة وهو ما يمنح الواقعة دلالة خاصة في سياق التوترات المستمرة في غزة والتي تتصاعد يومًا بعد يوم وسط صمت دولي وتراخٍ أممي حيال كارثة إنسانية تتفاقم على مرأى العالم
إن سحب البيان لا يعني غياب الموقف بل يعكس محاولة لاحتوائه سياسيًا ويبقى السؤال مطروحًا حول مستقبل العلاقة بين المؤسسات الدينية والدولة في القضايا الكبرى وهل يمكن فصل المبادئ الأخلاقية عن المصالح الدبلوماسية في لحظات النزاع الكبرى أم أن الصمت سيبقى الخيار المفضل في زمن الحسابات المعقدة
