اقتصاد

عجز 4.1 مليار دولار بميزان المدفوعات المصري رغم نمو النقد الأجنبي

كشف تقرير رسمي صادر عن البنك المركزي المصري أن ميزان المدفوعات سجل عجزًا كليًا بقيمة 4.1 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجاري وهو ما يعكس ضغوطًا متواصلة على الاقتصاد المصري بالرغم من تسجيل تحسن نسبي في بعض مؤشرات النقد الأجنبي وعلى رأسها ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج وزيادة إيرادات السياحة

ويرجع هذا العجز في المقام الأول إلى خروج نحو 7.7 مليار دولار من الاقتصاد خلال نفس الفترة حيث تركزت هذه التدفقات الخارجة في أدوات الدين الحكومية وسوق الأوراق المالية نتيجة تذبذب الأوضاع العالمية وتفضيل المستثمرين التحوط في بيئات اقتصادية أكثر استقرارًا إلى جانب الضغوط الناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق العالمية

وتأتي هذه التطورات في وقت يسعى فيه البنك المركزي إلى تعزيز قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية من خلال دعم سياسة سعر الصرف الحر وتعزيز احتياطي النقد الأجنبي الذي شهد تحسنًا نسبيًا بعد الحصول على تمويلات خارجية من مؤسسات دولية وخليجية إلى جانب التوسع في برامج الطروحات الحكومية التي ساهمت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة في بعض القطاعات الاستراتيجية

وعلى الرغم من تسجيل بعض التحسن في بند الحساب الجاري مقارنة بالفترات السابقة إلا أن استمرار خروج رؤوس الأموال من شريحة الاستثمارات في المحافظ المالية ساهم في تفاقم العجز الكلي إذ بلغ صافي الاستثمار غير المباشر الخارج نحو 77 مليار دولار ما انعكس على ميزان المدفوعات بشكل مباشر رغم الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الحكومة في محاولة لاستعادة ثقة المستثمرين

كما أظهرت بيانات البنك المركزي أن ميزان المعاملات الجارية سجل تحسنًا طفيفًا مدعومًا بزيادة ملحوظة في عوائد السياحة التي ارتفعت مدعومة بتدفق السياح من أسواق أوروبا الشرقية والخليج إلى جانب نمو ملحوظ في الصادرات السلعية غير البترولية وتحسن صافي تحويلات العاملين بالخارج والتي تُمثل أحد المصادر الأساسية للنقد الأجنبي في البلاد

وفي المقابل شكل بند المعاملات الرأسمالية والمالية ضغطًا كبيرًا على أداء ميزان المدفوعات حيث ساهمت التحديات الجيوسياسية في المنطقة وارتفاع تكلفة التمويل عالميًا في تباطؤ تدفقات الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة بالإضافة إلى عمليات تخارج تدريجية من أدوات الدين المحلية تأثرًا بتقلبات سعر الصرف واعتبارات المخاطر

ويراهن البنك المركزي المصري على المرحلة المقبلة في استعادة التوازن المالي من خلال مواصلة تنفيذ حزمة إصلاحات هيكلية تركز على تحرير الاقتصاد وتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمارات الإنتاجية بالإضافة إلى الاعتماد على موارد مستدامة للنقد الأجنبي مثل التصدير والسياحة والخدمات المالية

كما يُتوقع أن يساهم الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولي إلى جانب دعم شركاء التنمية في تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على استيعاب الضغوط التمويلية والتقليل من الاعتماد على التمويلات قصيرة الأجل مما يساعد على تخفيف العجز في ميزان المدفوعات وتحقيق استقرار أكبر في السوق النقدية خلال الفترة القادمة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى