اقتصاد

ارتفاع كبير في مشتريات الأجانب للعقارات بمصر يعكس تحولات في الاستثمار الأجنبي

شهد سوق العقارات في مصر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الماضي قفزة ملحوظة في حجم مشتريات الأجانب حيث سجل إجمالي ما أنفقه غير المصريين على شراء العقارات نحو مليار وستمئة مليون دولار وهو ما يمثل زيادة بنسبة 91% مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي السابق والتي سجلت فيها المشتريات ثمانمئة وأربعين مليون دولار فقط

هذا النمو اللافت يعكس تحولات استراتيجية في اتجاهات الاستثمار الأجنبي داخل السوق المصرية ويطرح تساؤلات عديدة حول دوافع هذا التوسع ومدى استدامته في ظل الأوضاع الاقتصادية المحلية والدولية

وتشير التحليلات الاقتصادية إلى أن ارتفاع قيمة مشتريات الأجانب في قطاع العقارات المصري يعود إلى عدة عوامل من أبرزها التراجع النسبي في قيمة العملة المحلية مما جعل العقار المصري أكثر جذبًا للمستثمر الأجنبي الباحث عن فرص منخفضة التكلفة إلى جانب التوسع في منح الإقامة مقابل التملك العقاري مما شجع العديد من الجنسيات على الاستثمار في الوحدات السكنية والمشروعات السياحية خاصة في المناطق الساحلية والمدن الجديدة

ويأتي هذا الاتجاه في وقت تسعى فيه الدولة إلى تعزيز موارد النقد الأجنبي من خلال تنشيط القطاعات غير التقليدية وعلى رأسها العقارات والسياحة إذ يمثل العقار مصدرًا مستقرًا للعملة الصعبة مع زيادة الطلب الخارجي وتعدد أشكال الاستثمار سواء من خلال الشراء المباشر أو الدخول في مشروعات تطوير عقاري بالشراكة مع القطاع الخاص

اللافت أن أغلب المستثمرين الأجانب الذين ضخوا أموالهم في السوق العقارية المصرية خلال الفترة الماضية ينتمون إلى دول عربية وخليجية إلى جانب جنسيات أوروبية وآسيوية أبدت اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في مواقع ذات طبيعة استراتيجية كمناطق البحر الأحمر والعاصمة الإدارية الجديدة وبعض أحياء القاهرة الكبرى التي باتت محط أنظار للمشترين الأجانب بسبب عوائدها الإيجارية المرتفعة وإمكانات النمو المستقبلي

ويرى خبراء السوق العقارية أن استمرار هذه الطفرة مرهون بعدة عوامل أهمها استقرار السياسات النقدية والمالية وشفافية إجراءات التملك والتسجيل العقاري وسرعة إصدار التراخيص والحفاظ على بيئة استثمارية مواتية تضمن للمستثمر الأجنبي الحماية القانونية والضمانات اللازمة

كما يوصي محللون بضرورة توجيه هذه التدفقات نحو مشروعات تنموية تساهم في سد الفجوة السكنية وتعزيز البنية التحتية وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق المحلي مع مراعاة عدم تأجيج الأسعار بشكل يؤدي إلى إخراج الشريحة المتوسطة من حلبة المنافسة

في المجمل فإن هذا الارتفاع في مشتريات العقارات من قبل الأجانب يعكس ثقة متزايدة في فرص النمو داخل السوق المصرية ويؤكد على أهمية العقار كأحد الأصول الاستثمارية الآمنة في بيئة اقتصادية تبحث عن مصادر مستدامة للنقد الأجنبي وتنمية مستدامة قائمة على جذب رؤوس الأموال الخارجية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى