العالم العربيفلسطين

الولايات المتحدة تنسحب من “اليونسكو” رفضًا لمواقفها تجاه الاحتلال الإسرائيلي

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية انسحابها رسميًا من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، في خطوة تكشف عن انحياز واشنطن المعلن إلى إسرائيل، على أن يدخل القرار حيّز التنفيذ في 31 ديسمبر/كانون أول 2026، وفقًا للمادة الثانية (6) من دستور المنظمة.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن السبب يعود إلى “تبني المنظمة أجندات ثقافية واجتماعية حزبية تتعارض مع سياسة أمريكا أولاً”، لكن خلفية القرار تكشف الرفض الأمريكي المتكرر لمواقف اليونسكو التي تُدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتُدرج مواقع فلسطينية على لائحة التراث العالمي.

قرار بتوقيع ترامب بعد مراجعة استمرت 90 يومًا

صدر القرار بتوقيع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بعد مراجعة داخلية استمرت 90 يومًا، وصفت خلالها الإدارة الأمريكية المنظمة بأنها “منحازة ضد إسرائيل”، ورفضت ما أسمته “تصنيف الأماكن المقدسة اليهودية كمواقع تراث فلسطيني”، إضافة إلى “صمت اليونسكو تجاه ممارسات حماس”.

الباحث خالد الترعاني: انسحاب سياسي متماهٍ مع الاحتلال

قال الباحث المتخصص في الشأن الأمريكي خالد الترعاني، في تصريحات صحفية، إن الانسحاب “يعكس انسجامًا واضحًا مع مواقف الاحتلال، ويُظهر تمادي السياسة الأمريكية في دعم إسرائيل ومعاقبة الجهات التي تُعارضها”.

وأضاف أن هذا القرار يأتي ضمن سلسلة خطوات عقابية، مثل فرض عقوبات على رئيس محكمة العدل الدولية، ويكشف أن “الخلافات المعلنة بين واشنطن وتل أبيب هي خلافات تكتيكية لا تمس جوهر التحالف الاستراتيجي بينهما”.

وأشار الترعاني إلى أن الانسحاب “ليس الأول”، بل يندرج في سياق علاقات متوترة ومتذبذبة تاريخيًا بين الولايات المتحدة واليونسكو.

العنجري: الثقافة أصبحت ساحة صراع سياسي

بدوره، رأى رئيس مركز “ريكونسنس” للأبحاث، عبدالعزيز العنجري، أن الخطوة الأمريكية “تحمل دلالة سياسية بأن الثقافة والتراث لم يعودا خارج الصراع، بل أصبحا في صلبه”.

وأوضح أن اليونسكو باتت تفسح المجال لسرديات فلسطينية لا تنسجم مع المصالح الأمريكية، خاصة فيما يخص القدس، مضيفًا: “الانسحاب جزء من محاولة واشنطن لقطع الطريق على أي رواية تُكسب الصوت الفلسطيني شرعية دولية“.

وأشار إلى أن قرارات مثل هذه لم تعُد معزولة عن الداخل الأمريكي، بل باتت تلامس وعي الأجيال الشابة التي تتابع الملف الفلسطيني وتعيد طرح الأسئلة الجوهرية.

ازدواجية المعايير والقيم التي تتهاوى أمام المصالح

وصف العنجري القرار بأنه “محاولة لتقويض مصداقية المؤسسات الدولية التي تُدين الاحتلال”، معتبرًا أن الرسالة واضحة: “من لا يتفق معنا، لا مكان له معنا.”

وشدد على أن واشنطن تسقط القيم التي تروّج لها حين تتعارض مع مصالح إسرائيل، مؤكدًا أن ذلك “يقوّض الثقة العالمية في الخطاب الأمريكي ويُبرز ازدواجية معاييره”.

واختتم بالقول: “عندما تنسحب قوة كبرى من منظمة دولية فقط لأنها لا توافق على قراراتها، يتحوّل مبدأ العضوية إلى أداة سياسية بدلًا من كونه التزامًا بالمبادئ، وهكذا تُفرغ المؤسسات الدولية من مضمونها لصالح الأقوياء”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى