عباس شراقي لـ”أخبار الغد”: مشروعات دول المنبع تهدد الأمن المائي المصري وتضع النيل على المحك

حذّر الدكتور عباس شراقي، أستاذ إدارة الأراضي والمياه، من أن مستقبل الأمن المائي في مصر يواجه تحديات غير مسبوقة، في ظل استمرار المشروعات التنموية في دول المنبع دون تنسيق مع القاهرة، إلى جانب تأثيرات التغير المناخي والنمو السكاني المتسارع.
وأوضح شراقي أن مصر تعتمد بنسبة تفوق 97% من مواردها المائية على نهر النيل، ما يجعلها عرضة لأي تغييرات في حصتها المائية، مؤكداً أن أي مشروعات في دول المنبع دون اتفاق مسبق قد تؤدي إلى أضرار مباشرة بالموقف المائي للدولة.
وأشار إلى أن عدد سكان مصر الذي تجاوز 110 ملايين نسمة، خفّض نصيب الفرد السنوي إلى نحو 500 متر مكعب، أي أقل من نصف خط الفقر المائي العالمي البالغ 1000 متر مكعب للفرد، في وقت يستهلك فيه القطاع الزراعي قرابة 80% من المياه، معظمها عبر أساليب ري تقليدية تتسبب في هدر كميات كبيرة بسبب التسرب وضعف كفاءة الشبكات.
وأكد شراقي أن التغيرات المناخية تمثل عاملاً مضاعفاً للأزمة، حيث تؤدي زيادة درجات الحرارة إلى رفع معدلات التبخر في بحيرة ناصر وشبكات الري، كما تؤدي إلى اضطراب أنماط الأمطار في دول المنبع، ما يهدد بتقلبات حادة في إيراد النهر بين فيضانات وجفاف ممتد.
كما حذّر من أن ارتفاع منسوب البحر يهدد دلتا النيل بالغمر والتملح، ما ينعكس سلباً على الأراضي الزراعية والمياه الجوفية.
وعن الحلول، أوضح شراقي أن الاستراتيجية الوطنية لإدارة المياه ترتكز على ترشيد الاستهلاك، والتحول إلى أساليب الري الحديثة، وتشجيع الزراعة الذكية، وتحلية مياه البحر للمدن الساحلية، ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي لإعادة استخدامها.
كما شدد على أهمية التعاون الإقليمي مع دول حوض النيل للتوصل إلى اتفاقيات عادلة ومستدامة، وبناء مشروعات مشتركة تعزز الثقة وتدعم التكامل الإقليمي.
واختتم شراقي بالتأكيد على أن مستقبل النيل لن يُحمى بالمشروعات العملاقة فقط، بل بالوعي المجتمعي، والبحث العلمي، والإدارة الرشيدة للموارد، حتى يظل هذا الشريان الحيوي مصدر حياة وتنمية للأجيال القادمة.