مقالات وآراء

محمد علي حراث يكتب: الثورة السورية وحلف “المتأمرنين” العرب

انقلب حافظ الأسد وأسس نظامًا علويًا طائفيًا. قتل الأسد ما شاء الله له أن يقتل من الأكثرية المسلمة في سوريا.

مات الأسد فورثه ابنه بشار، فواصل نهج والده وزاد عليه، فقام الشعب السوري ضده مطالبًا بالإصلاح. لكن الأسد واجه المتظاهرين بالقتل.

احتمى المتظاهرون بأبنائهم العسكريين الذين انشقوا عن قوات الأسد. قويت شوكة الثورة السورية وكادت تطيح بنظام الأقلية العلوية.

أمر خامنئي حزب الله بقيادة الهالك نصر الله بالتدخل إلى جانب الأسد. فتدخل الحزب، وقاتل وقتل وشرد، لكنه انهزم في النهاية وكاد النظام أن يسقط.

أرسلت إيران شيعة العالم على شكل ميليشيات طائفية حاقدة، رُوِّج لها على أنها معركة بين الحسين ويزيد، وأن الوقت قد حان للقصاص من الأمويين الذين صُوِّروا على أنهم الشعب السوري.

جاءت ميليشيات من العراق مثل عصائب أهل الحق، كتائب أبو الفضل العباس، كتائب سيد الشهداء، كتائب حزب الله العراق. ومن باكستان والهند كتائب الزينبيون. ومن أفغانستان الفاطميون. ومن اليمن الحوثيون. ومن إيران الحرس الثوري، فيلق القدس، البسيج، ومستشارون من الجيش الإيراني. ورغم كل ذلك، فشلوا جميعًا، وكاد الشعب السوري أن ينتصر مرة أخرى.

ذهب قاسم سليماني إلى موسكو وأقنع الروس بالتدخل عسكريًا. جاءت روسيا بجيشها وحولت سوريا إلى ميدان تدريب لطياريها، تستعمله لتدريب قواتها وطلبة الكليات والمدارس العسكرية. نجحت روسيا فيما فشل فيه حلف “الممانعة”، ومعها تيار القوميين العرب الذين شكلوا “الحرس القومي العربي” لمقاتلة الشعب السوري.

انحسرت الثورة السورية، وظن الجميع أن إيران وشيعتها قد انتصروا. أُعيدت سوريا إلى الجامعة العربية، وأصبحت دمشق قبلة للوفود الدبلوماسية، وأعادت دول عدة بعثاتها إليها.

لكن مع انشغال روسيا في حرب أوكرانيا، استغل ما بقي من الثوار الفرصة وزحفوا من الشمال حتى وصلوا إلى دمشق. قامت إسرائيل بدعم الدروز، وإيران وحزب الله بدعم العلويين، كما دعمت إسرائيل وإيران الأكراد. فثار جبل العلويين، وثار جبل الدروز، وتمرد الأكراد.

دخل الشعب السوري بقيادة حكومته الجديدة في صراع مع الجميع، بين القوة العسكرية حينًا، والمفاوضات والوساطات الدبلوماسية حينًا آخر، ومنها لقاء مع إسرائيل بحضور أميركي ونصيحة عربية تركية.

عندها خرج أتباع إيران في بلاد العرب، من أمثال الشنقيطي وسلامة والهامي وبعض المحسوبين على الإخوان، للتشنيع على القيادة السورية الجديدة. اتهموها بالخيانة ووصموها بأبشع النعوت، ملمحين إلى أن الحق وفلسطين ملكية حصرية لإيران وأتباعها.

أما أنا، فرجعت إلى مكتبتي وبدأت أدرس تاريخ الأمويين والسلاطين العثمانيين بعقل وروح جديدين، مستحضرًا قواعد ابن خلدون في فهم التاريخ. فإذا كان أحمد الشرع، الذي قاتل الأميركيين في العراق والروس في سوريا، وقاد معركة التحرير بعد اليأس، يُوصَف بكل هذه الأوصاف، فكيف أثق بتاريخ كتبه أسلاف هؤلاء عن بني أمية وعن معاوية بن أبي سفيان، موحّد الأمة الإسلامية ومؤسس نهضتها؟لقد وصلت جيوش بني أمية إلى حدود الصين شرقًا، وحدود باريس غربًا، وحدود بحر الأورال شمالًا، وحدود بلاد السودان جنوبًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى